Canalblog
Editer l'article Suivre ce blog Administration + Créer mon blog
Publicité
Abdelhamid Hadouch LIBREXPRESSION
22 août 2011

كتاب لم ينشر - واخيرا نشر بمجلة أنهار الأدبية

 

?نُزْهَـةُ الْخِلالِ
وَمَقاماتُ الْحَريري

الْجُزْءُ الثّاني

 

(خمسة وعشرون مقامة من 26 إلى 50)

 

?المتتبّعون للمقامات شرحا ونقدا

لَمْ يكن أمامي وأنا أعيد تصفح العدد الأول من " نزهة الخلال ومقامات الحريري " الذي صدر سنة 1998 في طبعته الأولى تحت رقم الإيداع القانوني : 1437-1997 إلا أن أعيد نشر جزء من الجانب التعريفي والتحليلي لجنس المقامة وخاصة مقامات الحريري التي قال العلاّمة الزّمخشري ( صاحب الكشّاف ) في حقها :

أُقْسِمُ بِاللّهِ وَآياتِهِ # وَمِشْعَرِ الْحَجِّ وَمـيـقـاتِـهِ

 

إِنَّ الْحَريريَّ حَرِيٌّ بِأَنْ # تُكْتَبَ بِالتِّبْرِ مَـقامـاتِـهِ

 

مُعْجِزَةٌ تُعْجِزُ كُلَّ الْوَرى # وَلَوْ سَروا في ضَوْءِ مِشْكاتِهِ

 

وما يؤكّد قيمة مقامات الحريري عبر العصور عكوف الكثير من الطلبة الجامعيين على تقديم بحوثهم فيها ، سواء لنيل الإجازة أو الدكتورة في الآداب حتّى أيّامنا هذه .

لذا ، ووفق رسالة ابن بري التي اطلعت عليها يمكن لكلّ قارئ أن يتعرّف على من تعقّبوا شرح المقامات ، والتّعليق عليها والتّنكيت ، ومنهم :

1 – ابن الحريري ، أبو القاسم عبد الله ، قال عنه ابن برّي في رسالته : « كان ابن الحريري عفا اللّه عنه ، مكبّا عليها ، صارفا مدّة مهده فيها ، وهو ينقح فيها اللّفظة بعد اللّفظة ويستشفّها في كلّ لحظة ، فهي بنت عمره ، وبكر دهره ، ولقد خطف أكثرها من مواضع يدلّ تهديه إليها على فضل بــارع .

لم يكن رحمه اللّه مدفوعا عن فطنة ثاقبة ، وغريزة في التّلفيق مطاوعة مجـاوبة . ومن العجيب أنّه قدم بغداد سنة أربع وخمس مائة ، وأخذ المقامات عنه البغداديّون ، وكان بها آنذاك بقيّة من الموسومين بعلم الأدب والطّالبين لكلام العرب . فلم يتعلّقوا عليه فيها عند سماعها منه إلا بلفظة واحدة ، نازعوه فيها ، وخرجوا معه على السّواء لأنّها وقعت في كتب اللّغـة على خلاف ، وهي : النّهار : فرخ الحبارى ، واللّيل : فرخ الكروان …» (1 )

ويتبيّن من قول ابنه أنّ المقامات الحريريّة أعطيت لها أهمية كبيرة في زمانه تنقيحا ورواية ونقدا ، وهذا ما يدلّ أيضا على أنّ النّقد الأدبي ظهر مبكّرا عند العرب ، وبمقاييس خاصة تطورّت مع الزّمن ، وضمّن الحريري بعضا منها في مقاماته ، هذا من جهة ، ومن أخرى فإنّ بغداد كانت مركز الإشعاع العلميّ والأدبيّ ، ومركزا لتلاقي الأدباء والعلماء من مختلف مشاربهم للمحاورة والمناظرة في مجالس خصّصت لها أمكنة ، فكانت إمّا مساجد كبرى ، أو دور خاصّة لدى الأمراء أو الخلفاء ، أو العامّة من المهتمّين .

2 – أبو محمد عبد اللّه بن أحمد البغدادي المعروف بابن الخشّاب ، تعقّب مقامات الحريري ، وله رسالة عنها تشتمل انتقاده له ، منكرا عنه ما أنكره العالـمون بالعربيّة بما تنطق به مصنّفاتـهم ، وتتّفق عليه مؤلّفاتهم في عصره ، ونبّه إليها وعلّق .

3 – أبو محمد عبد اللّه بن برّي بن عبد الجبّار المقدسي النّحوي ، تناولها أيضا ، وله رسالة يردّ فيها على انتقادات ابن الخشّاب لابن الحريري ، وفيها ردّ عليه ، وانتصر ونصف أباه .

4 – البارون سل وستري دساسي أحد الشّارحين للمقامات الحريريّة ، وله كتاب مطبوع بباريز ، وبدار الطّباعة الملكيّة لسنة 1822م .

5 – أمّا المحدثون فقد تناولوها بالبحث والنّقد ، إمّا عرضا في أحاديثهم ومقالاتهم ، وخصّصوا لها فقرات تناولوا فيها جانب المضامين ، أو الشخصيّات ، أو الكنايات والتّشبيهات وغيرها للاستدلال والاستشهاد بها ، وتدعيم آرائهم النّقديّة ، و من هذا الصّنف كثرة تزخر المجلات والصّحف بموادّهم . أمّا الباحثون الأكاديميّون المتعمّقون في المقامات لاستجلاء كلّ دررها ، وخاصّة في العصر الحديث فثلّة أغنت البحث الأدبي والخزانة العربية ، وساهم في ذلك مغاربة، ويكفي للرّجوع إلى سجلاّت الجامعات المغربيّة لتبيّن العدد بالضّبط .

ــــــــــــــ

المصدر :

( 1 ) رسالة ابن برّي

 

 

?الأمثال

تعريف ومفهوم

 

عُرّفَتِ الأمثال باختلاف الرّؤى في السّياق والجوهر والخصائص .

ففي الأدب الشعبي : « الأمثال عبارة عن حِكَم جُمعت في تعابير تمتاز بالإيجاز والبلاغة والذّوق » ( 1 ) وتأتي على لسان الفرد فتلتقطها أفواه الجماعة ، وتردّدها الأجيال في كلّ مكان ( 2 ) . وأمّا في الرّأي السّائد ، فهي أقوال مأثورة تتناقلها الألسنة .

والأمثال في كلّ اللّغات ، ولدى كلّ الشّعوب تتميّز ببنية لغويّة وفكريّة مركّزة تؤثّر على القارئ أو السّامع ، وتجلب انتباهه لما تشتمل من دقّة في التّشبيه والمجاز والتّنغيم ، وإلى ما تعكسه من نتائج وخلاصات وتجارب إنسانيّة مختلفة عبر الأمكنة والأزمنة .

إنّ الأمثال في أغلبها ترتبط بأحداث ملتصقة بفضاءات متنوّعة من المجتمعات ، فتكون قصّة / المثل ، أو القصّة / المناسبة هي البؤرة للوقوف على الفكرة / الفائدة . وأمّا إذا لم تتوفّر المناسبة الأصليّة بفعل عوامل عديدة ، منها طبيعة الرّواية الشّفهيّة الّتي سيطرت على هذا النّوع الأدبي عبر العصور حتّى مرحلة التّدوين بقوّة ، وما بعدها بتفاوت من قطر إلى آخر ، ففي كلّ الحالات ، فإنّ التّصوّر الدّلاليّ والاجتهاد يبقى الوسيلة للوقوف على مكوّنات الأمثال ومقاصدها ، وهذا ما دفع العرب منذ أواسط القرن الأوّل للهجرة إلى جمع هذا التّراث ، فألّفوا كتبا وتصانيف لا زالت منهلا لكلّ باحث تشهد على مجهوداتهم القيّمة .

فصحار العبدي وهو أحد النّسّابين في أيّام معاوية بن أبي سفيـان ( 41 هـ – 60 هـ ) ألّف فيها كتابا . ولعبيد بن شريّة معاصره كتابا آخر ، ويقول صاحب الفهرست أنّه رآه في خمسين ورقة( 3 ) . ولم تنقطع التّأليفاتفي هذا المجال ، وأذكر منها ما نصّت عليه كتب عدّة :

- في القرن الثّاني للهجرة : كتاب أمثال العرب للمفضّل الضّبّي .

- في القرن الثـالــث : كتاب فصل المقال في شرح كتاب الأمثال لأبي عبيد القاسم بن سلاّم ، وهو شرح لأبي عبيد البكري . وكتاب جمهرة الأمثال لأبي هلال العسكري ، ومجمع الأمثال للميداني .

وتتابعت الأمثال في التّوالد مع الأجيال ، وعُني بها نقلا وشرحا وتعليقا إلى يومنا هـذا ، ودون أن يفقد هذا النّوع الأدبي قيمته على أكثر من مستوى ، إلى درجة اعتبرت من البعض إحدى المحرّكات الأساسيّة التي لا مندوحة عنها لإحياء التّراث واللّغة وتطويرهما ، بدءا بالتّعليم ، والطّبع والنّشر ، وتوظيفها في كل مرافق الحياة الاجتماعية والاقتصادية .

وهكذا فإنّ « للمثل معنى أصليا » ( 4 ) يتمّ استنباطه بالمرجعيّة ، أو القراءة المتأنّية ، بربط الدِّلالات السّطحيّة والعميقة للألفاظ ، والبنيات التّركيبيّة في مقاربات لا تخلّ لما وُضعت لها ، بالابتعاد عن الإقحام والتّعسّف . وله « معنى تطبيقيا »أو مرجعيّا يُسْتمدّ من القصّة / المثل / المناسبة .

 

مميّزات الأمثال

فما يمكن إجماله من مميّزاتها ، كونها جزلة اللّفظ ، قويّة المعنى ، سهلة الحفظ ، جميلة الصّياغة ، بها ضروب من التّنغيم الموسيقيّ ينبعث من تكرار حروف معيّنة ، أو وجود محسّنات لفظيّة خاصّة السّجع المحكم ، وقد يرقى المثل إلى أن يكون نظما لشطر من بيت.ولكلّ ما ذكر يصل المثل في سياقه إلى توازن بين الكلمات شكلا ومضمونا، فيرتكز على التّصوير ، وفي هذا قال النّظّام : إنها « نهاية البلاغة لما تشتمل عليه من حسن التّشبيه وجودة الكناية » ( 5 ) وهو قول مشاع بين النّقّاد .

ولكلّ ما ذكر أيضا ، تظلّ الأمثال في الغالب مدّة طويلة جدّا محتفظة بصورتها الأصليّـة ، وذلك بحكم إيجازها ودورانـها على الألسنة ( 6 ) ، فكانت ولا زالت من التّـعابير الّتي تُوظّف في الأحاديث العامّة ، والخطب المنمّقة ، ومختلف الأجناس الأدبيّة ، وفي هذا يقول الجاحظ عن القدامى : « كان الرّجل من العرب يقف الموْقف ، فيرسل عدّة أمثال سائـرة ، ولم يكن النّاس جميعا ليتمثّلوا بها إلا لِما فيها من الموفق والانتفاع (7)

وبقول الجاحظ نتبيّن بجلاء الدّور الّذي أعطي للأمثال وهو دور تنامى عبر العصور ليجمع بين التّوجيه والتّربيّة ، وشحذ الهمم ، ورفع مستوى التّعبير والأسلوب ، وبالتّالي الإسهام في التّأطير الاجتماعي والثّقافي ، إلى درجة أنّه مع التّطوّر التّكنولوجي وخاصّة في ميدان الإعلاميّات ، عكفت عدّة معاهد على تصنيف هذا التّراث وجمعه على طريقة القواميس والمعاجم ، أو بطرق أخرى حديثة روعي فيها تسهيل البحث وتدعيمه ، إمّا بالتّرجمة أو التّصنيف أو الشّرح … للحفاظ على تراث الشّعوب وأمجادها ، والتّعريف به ليكون قناة تواصليّةفاعلة بين الشّعوب في أفق " عولـمة الأمثال " .

 

التّصوّر الدّلالي والأمثال

 

إن كلّ باحث في الأمثال لا بدّ أن يأخذ في الحسبان عند تناولها إشكاليّة الدِلالات ونظريّاتها المختلفة ، ويضعها سندا له للوقوف على ما تبعثه السّياقات من صور وإيحـاءات ، لذا فإنّ أيّ تصوّر دلاليّ لا مفرّ من الخضوع إلى التّنظير والممارسة ، وهذا ما دفعني إلى أن أورد ما خضع له من تقسيم منطقي . ( 8 )

 

عند دار مستتر وبريال وبول :

 

( رسم بياني )

 

التصوّر الدّلالي

 

التّخصيصالتّعميمانتقال الدّلالة

 

 

إنّ معنى الكلمة تتوسّع بنقلها من الخاصّ إلى العام والعكس . أمّا انتقال الدّلالة إلى أخرى فيتمّ بسبب المشابهة أو المحاورة ، وتحصل بطرق منها : الاستعارة ، والمجاز المرســل …

والدّارسون المحدثون حدّدوا نوعين من المعنى رغم اختلافهم في التّسميّة ، وأورد رسما بيانيا لمختلف التّسميّات للاطّلاع عليها واستثمارها عند قراءة الأمثال .

 

 

الـمعـنى

 

 

المعنى المعـجمـي معـنىى الكلمة في السّياق

 

- المعنى القصدي- المعنى السياقي

 

- المعنى الخارجي والنّفسي- المعنى الإيحائي

 

- النّوبات الذرية للمعنى- المعنى الدّاخلي

 

- الدّلالة المركزيّة-المعنى التّضميني

 

- المعنى السّكوني- النَوبات النّصّية للمعنى

 

- الدّلالة الهامشيّة

 

- المعنى خارج المركز

 

ــــــــــــــ

 

المصادر والمراجع :

( 1 ) الأدب الشّعبي (ص : 33 )

( 2 )مع البدو في حلهم وترحالهملمحمد المرزوقي ( ص : 280 )

( 3 ) في العصر الجاهلي لشوقي ضيف

( 4 ) مقالة : نظرة عن الأدب الشعبي بالمغرب ، مجلة البيّنة – المرحوم ذ.محمد الفاسي

( 5 ) مجمع الأمثال للميداني ج 1/5 عن شوقي ضيف

( 6 ) في العصر الجاهلي لشوقي ضيف( ص : 404 )

( 7 ) البيان والتّبيين للجاحظ ج / 1 ( ص : 271 )

( 8 ) عالم الفكر عدد : 4 / المجلد 16 – 1986 ( مقدمة لدراسة التّطوّر الدّلالي في العربيّة الفصحى ) أحمد محمد قدّور .

 

 

?الوصف في الأمثال

 

إنّ المثل باشتماله على المدح أو الهجاء ، أو الحكمة ، أو نقل تجربة إنسانيّة ، أو عكس واقع اجتماعي لا يكون إلاّ في أقلّ الألفاظ وأدلّها معنى ، وأرقى جماليّة وتنغيما ، لهذا فهو غنيّ بالإشارات الثّقافيّة ، ولا يمكن أن يقف عليها إلا القارئ الضّمني ( كما يسمّيه عبد الفتّاح كليطو ) الّذي يتخيّله الكاتب / القائل ، والّذي يستطيع بحكم اطّلاعه استجلاء التّلميح ، وفهم الرّموز ، مثل : (1 )

- سبأ :--------------------|السّيل - سيل العرم

- بابل : -------------------|هاروت وماروت

- قَدار :-------|المذكورة في القرآن لقوله تعالى :« إذا انبعث أشقاها »

 

أمّا القارئ الفعلي حسب ذ . كليطو ، فإنه لفهم قصد الكاتب والدّخول في أغوار الرّموز ، فلا مناصّ من الرّجوع إلى المصادر والمراجع ، والقواميس والشروح للوقوف على الدّلالات . أمّا إعمال العقل وحده مع الكلمة وحدها ، فلا يتوصّل إلى المعنى والمقصد إلا إذا أخذها في سياقها بارتباط وثيق مع كلّ التّصوّرات الحقّة الّتي تسمح بها اللّغة والوعاء المفاهيمي ، ودون الابتعاد عن حمولات القصّة / المناسبة .

والوصف في المقامات يعتمد أنواعا من التّشبيهات ، من البسيطة إلى المعقّدة البليغة . والشخصية كيفما كانت في المقامات أو الأمثال ، هي شخصيّة مركّبة لها خصائص وصفات ترتبط إمّا بشكلها الخارجي أو الدّاخلي أو هما معا ( اللباس – طول القامة – لون البشرة – جحوظ العينين ….) أو ( الغضب – الضّحك - ….) وكلها تتفاعل لتميّز الشخصيّة عن غيرها ، فيبحث الكاتب لها عمّا يناسبها في عالم اللّغة الفسيح .

وأمّا الفعل الممارس من الكاتب ( الكتابة بكل معانيها ) ، ومن الشخص القارئ فيلتقيان في أنّ كل منهما ينطلق من تصوّرات متخيّلة أو واقعية ، في مكان وزمان ما للتّعبير عن الرفض أو القبول ، أو التّوافق أو التّضاد ، أو إبداء ردود فعليّة أخرى تتناسب وطبيعة كل منهما ، وثقافتهما ، وميولا تهما ، وقدرتهما على رصد أغوار النّص، وكلّ ذلك في تلذّذ وتفاعل .

فوصف الشّخصيّة في المقامات يُعتمد فيها على مختلف الأساليب بما فيها توظيف الأمثال وكل الأساليب النّثريّة ، وقد يتمّ تجاوزها إلى توظيف الشعر وصوره الفنّيّة . فالمتتبّع لنصوص الحريري بتعمّق ، سيدرك ولا ريب ، أنّ مقاماته تشتمل على عدد كثير من الأنواع ( نثر + أمثال + قرآن + أحاديث نبويّة + رموز بما فيها الجانب الأسطوري + نوادر + ألغاز + معارف إنسانيّة في شتى العلوم ، في التّاريخ والفلاحة والقضاء والفقـه ، وطبائع الكائنات …الخ ) . إنها نتاج فكريّ جامع ، وهو فكر « الأدب الكلاسيكي القديم الّذي يعتمد الاقتباس والتّضمين والحلّ والتّلميح …» ( 2 )

ــــــــــــــ

المرجع :

( 1 ) و ( 2 ) الأدب والغرابة ( دراسات بنيوية في الأدب العربي ) ( ص : 76 )

 

 

?شخصيّات المقامات بين الدّال والمدلول

 

إنّ الجميع يتّفق على أنّ المقامات الأصيلة في الأدب العربيّ نـهجت نمطا يكاد يكون واحدا في الجوهر ، أمّا ما يتعلّق براوي المقامات ، فهو شخصيّة تتأرجح الأقوال عنه بين كونه شخصيّة متخيّلة أو حقيقيّة لاعتبارات مرتبطة بذوات النّصوص أو العصر الّذي أنتجت فيه ، و هذا ما يمكن إدراجه في إشكاليات التاريخ الأدبي الذي يُستند عليه في النّقد الأدبي ، والاستدلال الفكري . والمتّفق عليه أنّ الرّاوي في المقامات شخصيّة واحدة تسيطر على كلّ النّصوص من ألفها إلى يائها ، وتُدرج في كل استهلال ضمن أسلوب في الغالب مستعار من الأسلوب الفقهي السائد آنذاك ، كمثل : حدّثني أو حدّثنا عيسى ابن هشام … ،روى الحرث بن همّام … ، وما إلى ذلك . ممّا جعل الدراسات النقديّة تتناول إشكاليّة أنماط الخطابات في المقامات ، حيث حددها البعض في أربعة أنماط هي : ( 1 )

1.المتكلّم يتحدّث باسمه

2.المتكلّم يروي لغيره

3.المتكلم ينسب لنفسه خطابا لغيره

4.المتكلّم ينسب لغيره خطابا يكون منشئه

ويمكن اختزال كل هذه الأنواع في نمطين اثنين ، هما :

1.الخطاب الشخصي

2.الخطاب المروي

والرّاوي في المقامات متعدّد الأدوار ( راوي + شخصيّة مشاركة فاعلة + المحافظة على توازن النّصّ في المدخل والمخرج … ) وفق الرسم التالي :

 

الرّاوي

 

الشخصيّات

أبو زيد

 

الكاتب

 

الأحداث

 

ــــــــــــــ

والمطلّع القدير على ضبط عمق النّصوص لن يتأخّر بالإحساس أثاء قراءته المتأنّية أنّه يلج عالما فكريا جمع بين كلّ الأصناف الأدبيّة وتقنيّات الكتابة قديمها وحديثها رغم غلبة القيل وبالأخصّ القال الّذي حتّمه السّرد على طول وعرض كلّ المقامات .

ففي بعض شروح المقامات نجد أنّ تسميّة الحرث بن همام مأخوذ من قول صلّى اللّه عليه وسلّم : « كُلُّكُمْ حارثٌ ، وَكُلُّكُمْ هَمّامٌ . » فالحارث هو الكاسب ، والهمّام كثير الاهتمام ، وكلّ شخص في الحياة كاسب ومهتم ( 2 ) بأموره وأمور مجتمعه . إنّه اسم أعمّ وأشمل .

فالشخصيّات في المقامات إمّا بتسميّات عامّة ، أو هي أسماء ضرب بها المثل لما تحمله من دلالات ، وأورد بعضها في الجدول التالي :

 

الاسم / الدّالّ SIGNIFIANT

المدلول SIGNIFIE

سحبان

الفصاحة

لقمان

الحكمة

عرقوب

خلف الوعد

السّليك

العدوّ

إيّاس

الذّكاء

سطيح

العلم والتّنبّؤ

قعقاع بن شور

حسن الجوار

جهينة

الخبر اليقين

السّموأل

الوفاء

القطا

الصّدق

أبو براقش

كلّ متلوّن ومزركش

 

 

ــــــــــــــ

المراجع :

( 1 ) الأدب والغرابة لعبد الفتّاح كليطو ( ص : 25 )

( 2 ) نبذة عن ترجمة صاحب المقامات من تاريخ ابن خلكان ( إضافة بكتاب مقامات الحريري ) طبعة المكتبة التجارية الكبرى بمصر

 

?الْمَقامَةُ الرّقْطاءُ (1)

 

هيَالرسالة التي حروفها أحدها منقوط ، والآخر بغير نقْط ، لذا سميت بالرقطاء

المجمل :

نزل الحارث بن همام سوق الأهواز ( 2 ) ، فتراءت له خيمة مضروبة ، فكانت به حاجة ، فتقدم إليها ولقي غِلْمَةً وشيخاً ليس إلا أبا زيد ، فجالسه ، وحكى له ما لقي من صاحب ديْن ثقيل عليه ، تحاكما إلى الأمير بعد أن كتب رسالته الرّقطاء ، ولما قالها قضى عليه دينه .

الأمثال وبعض الأساليب

 

132- قالوا « لَيْسَ لَهُ في الْمَقامِ تَعِلَّةً » ( 2 )

التّعلّة : في الأصل ما تعلّل به الصبيّ وقت الفطام . والعلّة هي المرض ، وهي أيضا :حدث يشغل صاحبه عن وجهه .

والمراد بالقول : لم يبق له صبر على التّعليل .

133- قالوا : « في الْغَدِ أَزْجُرُ غُرابَ الْبَيْنِ » ( 3 )

ومعنى القول : ارتحل . فالعرب خصّت الرّحيل بالزّجر ، أي إثـارته لأنه يكون في الخلاء ، خاصة في الدور التي رحل عنها أهلها .

134- قالوا : « لاَ فَتيلَ لَهُ وَلاَ نَقيرَ » ( 4 )

معناه : لا يملك شيئا .

والفتيل : ما في شقّ النّواة ، أو ما يفتل بين الإصبعين من الوسخ .

النّقيرُ : النّقْرَةُ في ظهر النّواة .

135- قالوا : « نَكَّبَ عَنْ مَذْهَبٍ كزي » ( 5 )

ومعنى القول : مال عن طريق البخل وابتعد عنه .

والكزُّ والكزازَةُ : الانقباضُ واليُبْسُ .

136- قالوا : « آنَسْتُ مِنْهُ أَنْ لاَ بَأْسَ وَلاَ بوسَ » ( 6 )

آنَسْتُ : علمت ، ومنه قوله تعالى : « فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُ رَشَداً »

لا بأس ولا بوس : لا ضرر ولا داهية .

ــــــــــــــــــــ

المصدر :

( 1 )المقامة السادسة والعشرون من ( ص : 258 إلى 270 )

( 2 ) مدينة ببلاد فارس-( 3 ) نفسه ( ص 261 )- ( 4 ) نفسه ( ص 262)

( 5 ) نفسه ( ص 266 )- ( 6 ) نفسه ( ص 264 ) .

 

 

?الْمَقامَةُ الْوَبَرِيَّةُ ( 1 )

 

تتضمّنُ طلب الحارث بن همام ناقته الضّالّة ، وما حصل من أبي زيد معه في ذلك .

وتسمى هذه المقامة أيضا بالوبرية أو البدوية .

الأمثال وبعض الأساليب

 

137- قالوا : « إِنَّهُ في رَيِّقِ زَمانِهِ » ( 2 )

نقول ريِّقِ ورِيقِ ، ومعناه في أوله ، أي في شبابه .

الرّيِّقُ والرّيّوقُ من كل شيء : أوله وأفضله .

138- قالوا : « أَلْقى الْحَبْلَ عَلى الْغارِبِ » ( 3 )

الغارب : الكاهل

وهو مثل يضرب في الإهمال وتخلية السبيل .

139- قالوا : « حَيْهَلَ الدّاعي إلى الصّلاةِ » ( 4 )

أي : أذن المؤذّن للصّلاة ، من حيّ على الصّلاة ، أي : هلمّ وأقبل . حيّ هلْ بفلان : أُدْعُهُ .

140- قالوا : « حَنَتْ صَكَّةُ عُمَيٍّ » ( 4 )

المعنى : أشد ما يكون من الحرّ ، حين يكاد الحرّ يعمي البصر .

وعن الفرّاء : حين يقوم قائم الظهيرة .

وقال بعضهم : إنّ عُميّا هو الحرّ بعينه .

وفي هذا قال الشاعر : « وَرَدَتْ عُمَيّاً وَالْغَزالَةُ بُرْنَسُ »

وعميّ تصغير أعمى وهو مرخّم .

اختلف في أصله فقيل : كان عميّ رجلا مغوارا ، فغزا أقواما عند قائم الظهيرة ، وصكّهم صكّة شديدة ، فصار مثلا لكل من جاء ذلك الوقت . وقيل المراد به الظبي . وقيل الحيّة .

141- قالوا : « أَحَرُّ مِنْ دَمْعِ الْمِقْلاتِ » ( 5 )

المِقلات : هي المرأة التي لا يعيش لها ولد ، فدمعها يكون حارّا ، فضرب به المثل في الحرارة .

ويقال للمدعُوِّ له : أقرّ الله عينك ، مأخوذ من القرّ ، وهو البرد .

ويقال للمدعُوِّ عليه : أسخن الله عينك ، مأخوذ من السخنة ، وهي الحرارة .

142- قالوا : « لَمْ يَقُلْ إيهاً » ( 6 )

أي : لم يأمر بالكفّ . يقال للمستزاد : إيهٍ . وللمسْتكفّ : إيهاً .

143- قالوا : « النَّديمُ جُزارَةٌ » ( 7 )

أي : النّديم الذي أتسلّى معه . وهي مجموعة من الأوراق . والمقصود أيضا الكتاب .

الْجَزارات : هي وريقات تكتب فيها الفوائد ، وبها يستأنس الفضلاء . ويقال لها أيضا الجذاذات .

ولله درّأبوالطيب المتنبي حيث يقول :

أَعَزُّ مكانٍ في الدُّنا سَرْجُ سائِحٍ

وَخَيْرُ جَليسٍ في الزّمانِ كِتابُ

144 - قالوا : « الْمَنايا لا الدَّنايا » ( 8 )

المنايا : ج المنيّة وهي الموت .

الدّنايا : ج الدّنيّة بمعنى النّقيصة والعار .

كأنهم يقولون : نختار الموت والمصائب على ارتكاب المعايب . ويقال في نفس المنحى :« النّارُ لا الْعارُ »

145 - قالوا : « لأَمْرٍ ما جَذَعَ قَصيرٌ أَنْفَهُ » ( 9 )

وقصير هذا هو : قصير بن سعد اللّخمي ، مولى جذيمة الأبرش . جذع أنفه بيده ، وأثّر على ظهره بضرْب حين قتلت الملكة الزّبّاء مولاه ، ثم أتاها وأوهمها أن عمرو بن عدّي بن أخت جذيمة هو الذي جذع أنفه ، وضرب ظهره زاعما أنه غرّر خاله ، وزيّن له المصير إليها ، ومالأَها . فلما وثقت به الزّبّاء ، ادّعى أن له بالعراق أموالا ، فجهّزته مرارا ، فحمل إليها الْبُزُزَ والطّرائف والعطور ، وأنواعا من التّمور إلى أن اصطحب في آخر نوبة الرجال في الصناديق ، وتوصّل إلى قتلها والأخذ بثأر مولاه منها ، فذهب هذا مثلا .

قال المتلمس :

وفي طَلَبِ الأَوْتار ما حزّ أَنْفَهُ

قَصيرٌ وَرامَ الْمَوْتَ بالسّيْفِ بَيْهَسُ

وفي القصّة المشهورة قول الزّبّاء لمّا أبصرت الإبل تكاد قوائمها تسوخُ في الأرض من ثقل أحمالها . قالت : يا قصير!

ما لِلْجِمالِ مَشْيُها وَئيداً # أَجَنْدَلاً يَحْمِلْنَ أمْ حَديداً ( 10 )

وفي بعض الروايات أن الزّبّاء لمّا رأت عمرا وعرفته ، وهي تريد النّفق مصّت خاتمها وكان فيه السّمّ ، وقالت : « بِيَدي لا بِيَدِ ابن عدّي » واعتبر هذا مثلا .

146 - قالوا : « اِبْنُكَ ابْنُ بوحِكَ شارِبُ صَبوحِكَ » (11 )

أي : ابنك من هو من صلبك ، لا من تبنّيته .

وقيل البوح : ج . باحة الدّار ، إشارة أنه ولد في باحة الدّار . وقيل : البوح من أسماء الذّكر .

147 - قالوا : « كَيْفَ عُجَرُهُ وَبُجَرُهُ ؟ » ( 12 )

يراد به جميع أمره . الباطن والظاهر . ويقال : « عجْري وَ بـجْري » .

148- قالوا : « باتَ بِلَيْلَةٍ نابِغِيَّةٍ وَأَحْزانٍ يَعْقوبِيَّةٍ » ( 13 )

فالليلة منسوبة إلى النابغة الذبياني . فقد روي عن الأصمعي أنه قال : انصرفت ذات ليلة من دار الرشيد وأنا أشكو علة ، ثم عدوت إليه ، فقال : كيف بِتَّ ؟ قلت : بِتُّ بليلة النّابغة ، فقال : أنا للّه ، هو واللّه قوله :

فَبِتُّ كَأَنّي ساوَرَتْني ضئيلَةٌ # مِنَ الرَّقْشِ في أَنْيابِها السُّمُّ ناقِعٌ

فقلت : إنّما أردتَ قوله :

كَليني لَهَمٌّ يا أُمَيْمَةَ ناصِبٍ # وَلَيْلٍ أُقاسيهِ بَطيءُ الْكَواكِبِ

أما الأحزان اليعقوبية ، فنسبة إلى يعقوب أبي يوسف عليهما السلام .

149 – قالوا : « لَمْ يَنْجُ مَنْجى الذُّبابِ » (14 )

مثل يضرب للذّليل يكون عليه واقية من لؤمه وخسّته ، كما قال الصّولي :

نَجا بِكَ لُؤْمُكَ مَنْجى الذُّبابِ # حَمَتْهُ مَقاذيرُهُ أَنْ يَنالا

150 – قالوا : « يَلْدَغُ وَيُضيءُ » ( 15 )

هذا مثل يضرب لمن يظلم ويشكو . وما أحسن قول ابن الرومي في هذا المعنى :

تَشْكي الْمُحِبَّ وَتَشْكو وَهِيَ ظالِمَةٌ

كَالْقَوْسِ تَصْمي الرَّمايا وَهِيَ مَرِنانِ

151 – قالوا : « يَنْزو وَيَلينُ » ( 16 )

هذا المثل يضرب لمن يتعزّز ثم يذلّ . ويقال أن أصله من الجَدْيِ ينْزو وهو صغير ، فإذا كبر لان .

152 – قالوا : « لَبِسَ جِلْدَ التَّمْرِ » ( 17 )

هذا مثل يضرب للمتـقح الجريء لأن النمر أجرأ سبع . ومن هذا الاشتقاق قولهم :

تَنَمَّرَ ، أي : صار مثل النّمر . والمثل يضرب أيضا لمن غضب بعد الرّضا .

153 – قالوا : « لاَ تَكُنْ كَأَشْعَبَ فَتُتْعِبَ وَتَتْعَبَ » ( 18 )

أشعب : اسم رجل طمّاع يضرب به المثل ، وكان مزّاحا ظريفا ، وإيّاه أراد من قال :

فَإذا اجْتَمَعْتُ أَنا وَأَنْتَ بِمَجْلِسٍ # قالوا مُسَيْلِمَةُ وَهذا أَشْعَبُ

ولأشعب نوادر مشهورة تحتضنها كتب الأدب العربي ، وتحتاج إلى التفاتة إحيائيّة ، جمعا وتحقيقا وتصنيفا ، وأورد بعضا منها

·مرّ برجل يصنع زنبيلا ، فقال : وسِّعْهُ . قال الرّجل : ولِمَ . فقال : لعلّ الّذي يشتريه يهدي إليّ فيه شيئا .

·ومرّ برجل يمضغ علكا ، فتبعه أكثر من ميل حتى علم أنه علك

·وقيل له : ما بلغ من طمعك ؟ فقال : ما أدخلَ أحد يديه في جيبه إلا ظننته يعطيني شيئا .

154 – قالوا : « لَحَقَ بِالْقارِظَيْنِ » ( 19 )

القارظ : جاني القرظ . والقرظ : هو النبات المدبوغ به .

والقارظان : شخصان أحدهما من عنـزة ، والآخر من النمر بن قاسط ، وكان خرجا يجنيان القرظ فلم يرجعا ولا عرفا لهما خبر ، فضرب بهما المثل لكل غائب لا يرجى إيّابـه ، وإليهما أشار أبو ذؤيب في قوله :

وَحَتّى يَؤوبَ الْقارِظانِ كِلاهُما # وَيَنْشُرَ في الْقَتْلى كُلَيْبٌ لِوائِلِ

155 – قالوا : « هُوَ يَمينُهُ لِشِمالِهِ » ( 20 )

أي : معين كإعانة اليمين للشمال . وفي هذا قول محمد بن الحنفية لـمّا سئل : كيف يدفع بك أبوك ( علي بن أبي طالب ) في الحروب ، ويبخل بهما ( الحسن والحسين ) . فكان يقول : أنا يمينه ، وهما عيناه . ( 21 )

156 – قالوا : « أَفْلَتَ وَلَهُ حُصاصٌ » ( 22 )

هذا المثل يضرب لمن نجا من هلكة أشفي عليها ، بعدما كاد يهوي فيها .

الحُصاص : العدو . والحصاصة : ما بقي في الكَرْمِ بعد قِطافه .

157 – قالوا : « وَيْلٌ أَهْوَنُ مِنْ وَيْلَيْنِ » ( 22 )

هذا المثل يضرب تسلية لمن ناله بعض المكروه ، ومثله قول الرّاجز :

أَبا مُنْذِرٍ أَفْنَيْتَ فاسْتَبِقْ بَعْضَنا

حَنانَيْكَ بَعْضَ الشَّرِّ أَهْوَنُ مِنْ بَعْضِ

158 – قالوا : « أَنا تَئِقٌ وَأَنْتَ مَئِقٌ ، فَكَيْفَ نَتَّفِقُ » ( 23 )

هذا مثل يضرب للمتنافيين في الخلق .

التَّـئِـقُ : هو الممتلئ غيظا .الْمَـئِـقُ : هو الباكي .

فكأن التَّـئِـقَ ينزع إلى الشّرّ لغيظه ، والمئِقُ يضيق ذِرْعاً باحتماله .

ومثل المثل قول بعضهم : « أَنا كَلِفٌ وأَنْتَ صَلِفٌ ، فَكَيْفَ نَأْتَلِفُ »

كلِف : الحامل على مشقة ، ج : كُلَفٌ .

صَلِف : تمدَّحَ ما ليس فيه أو عنده ، وادّعى فوق ذلك إعجابا وتكبّرا ، ج: صَلِفون

صُلَفاء – صَلافى . والتّصلُّفُ هو التّكلُّف .

159 – قالوا : « فعل كذا ، أو وصل إلى كذا / بَعْدَ اللَّتَيّا والّتي »( 24 )

أي بعد مساقاة الدّواهي الصّغيرة والكبيرة .

وقد اختُلِفَ في معنى قولهم : بعد اللّتيّا والّتي ، فقيل هما من أسماء الدّاهية، وقيل المراد بهما بعد صغير المكروه وكبيره .

ــــــــــــــ

المصادر والمراجع :

( 1 ) المقامة السابعة والعشرون من ( ص : 270 إلى 281 )

( 2 ) نفسه ( ص : 270 ) – ( 3 ) نفسه ( ص : 271 )

( 4 ) نفسه ( ص : 272 و 282 ) – ( 5 ) نفسه ( ص : 272 و 273 )

( 6 ) و ( 7 ) نفسه ( ص : 274 ) – ( 8 ) نفسه ( ص : 275 )

( 9 ) نفسه ( ص : 279 )

( 10 ) المطالعة والنصوص للسنة الثالثة ثانوي إعدادي (ص : 140 – 142 )

( 11 ) المقامات ( ص : 276 و 284 ) – ( 12 ) نفسه ( ص : 274 )

( 13 ) المصدر نفسه ( ص : 277 ) – ( 14 ) نفسه ( ص : 280 )

( 15 ) و ( 16 ) نفسه ( ص : 284 ) – ( 17 ) نفسه ( ص : 279 – 284 )

( 18 ) نفسه ( ص : 278 ) – ( 19 ) نفسه ( ص : 279 و 284 و 285 )

( 20 ) نفسه ( ص : 279 )

( 21 ) قواعد اللغة العربية الأولى ثانوي إعدادي ( ص : 102 )

 

( 22 ) المقامات نفسها ( ص : 280 و 285 )

 

( 23 ) و ( 24 ) نفسه ( ص : 281 و 285 )

 

 

?الْمَقامَةُ السَّمَرْقَنْدِيَّةُ ( 1 )

 

 

تتضمّنُ هذه المقامة وقوف أبي زيد بربْوة يخطب خطبة عريّة من الإعجام .

الأمثال وبعض الأساليب

 

160 – قالوا : « كلامهُ، وعدُه سَرابٌ » ( 2 )

السّراب : مثل في الكاذب الخادع .

قال تعالى : « كَسَرابِ بَقيعَةٍ يَحْسِبُهُ الظَّمْآنُ ماءً »

161 – قالوا : « سَوّوا أَوَدَ الْعَمَلِ » ( 3 )

أي : قوّموا وعدّلوا اعوجاجه .

162 – قالوا : « ادَّكروا الْحِمامَ وَسَكْرَةَ مَصْرَعِهِ » ( 4 )

أي : أذكروا الموت وسكرته .

والسّكرات خمس : سكرة الشّراب ، وسكرة الشّباب ، وسكرة المال ، وسكرة العـزّ ، وسكرة الموت .

163 – قالوا : « جَرَّعَهُ يَمينَ الْغَموسِ على أَنْ يَحْفَظَ عَلَيْهِ النّاموسَ » ( 5 )

التّجريع : السّقي بكلفة ، وهما حلفه .

اليمن الغموس : سمّيت غموسا لأنّها تغمس صاحبها في الإثم ، وقيل في النّار .

النّاموس : هنا بمعنى السّرّ .

164 – قالوا : « نَزَّلَهُ مَنْزِلَةَ الْفُضَيْلِ » ( 6 )

نزّله : جعله .

والفضيل الذي أخذ مثلا هو ابن عياض الورع الشهير في الزّهد والعبادة . كان في أيّام الرّشيد ، واجتمع عليه فوعظه حتّى أبكاه ، فقال بعض وزرائه : بَسُّكَ يا فضيل ، فقد أبكيت أمير المؤمنين . فقال له الفضيل : إنّما يُدخله النّار أمثالك ، تزيّنون له القبيـح ، وتحسّنون له الأمر الفضيع .

ــــــــــــــ

المصدر :

( 1 ) المقامة الثامنة والعشرون من ( ص : 286 إلى 295 )

( 2 ) مقامات الحريري ( ص : 286 )

( 3 ) و ( 4 ) نفسها ( ص : 289 )

( 5 ) و ( 6 ) نفسها ( ص : 295 )

 

 

?الْمَقامَةُ الْواسِطِيَّةُ ( 1 )

 

تتضمّنُ اجتماع الحارث مع أبي زيد بالخان ، وكيف صرع أبو زيد أهل الخان بإطعامهم الحلوى ، وأخذه مالهم . وكان هذا بأرض واسط .

واسط : مدينة بالعراق ، سميت باسم قصر بناه الحجاج بين الكوفة والبصرة

 

الأمثال وبعض الأساليب

 

165 – قالوا : « حَلَّ بِالْمَكانِ حُلولَ الْحوتِ بِالْبَيْداءِ » ( 2 )

الحوت : نوع من السمكالبيداء : الفلاة التي يبيد من سلكها

ضرب مثلا للتّغرّب عن المكان وعدم وجود من يأنس به من جنسه .

166 – قالوا : « نادى جارَهُ بَيْتَ بَيْتَ » ( 3 )

بيْتَ بيْت : من المركّبات ، والأصل هم الجار الذي منزله ملاصق لمنزله .

167 – قالوا : « لاَ قَعَدَ جَدُّكَ ، وَلاَ قامَ ضِدُّكَ » ( 4 )

أي : لا انحطّ وانخفض سعدك وحظّك ، ولا كان لك وقام عدوّك ومبغضك .

168 – قالوا : « قَرّّتْ شِقْشِقَةُ الْهادِرِ » ( 5 )

قرّت : سكنتالشّقشقة : أصلها ما يخرج من فم البعير

والمراد من هذا القول ، سكت المتكلّم بعد كلام طويل متعب .

169 – قالوا : « فَرْطَسَ في التَّكَهُّنِ سَهْمَهُ » ( 6 )

أي : أصاب القرطاس وهو الهدف .

170 – قالوا : « جَمَعَ بَيْنَ الْغُلِّ وَالْقُلِّ » ( 7 )

الْغلّ : الحديد الذي يُجعل في العنق أو اليدين ، أي بمعنى القيد . وكني به عن المرأة السّوء .

الْقُلّ : قلّة المال .

ويقال هذا في الزّواج عند الجمع بين المرأة السّوء والفقر .

171 – قالوا : « ظُلُّ بْنُ ظُلٍّ » ( 8 )

مثل يضرب لمن لا يُعْرَفُ هو ولا أبوه .

ومنه أيضا : « طامِرُ بْنُ طامِرٍ » و « هَيْ بْنُ بَيْ »

قال الشّاعر في هذا :

لَقَدْ قَدَّموا هَيْ بْنُ بَيْ وَأَخَّروا # ذَوي الْمَجْدِ مِنْ أَيّامِ عادٍ وَعادِيا

172 – قالوا : « لو خطب فيهم ، أو كان فيهم

إبراهيمُ بْنُ أَدْهَم » ( 9 )

 

يضرب به المثل في الزّهد . كان ملكا بِبَلَخَ فترك المُلك وتزهّد ، وساح في الأرض ودخل بغداد ، وحجّ ماشيا مرارا . اجتمع بأكابر الصوفية وأخذ عنهم وأخذوا عنه . ومن كرامته على الله أنّه لمّا دخل بغداد كان في أطمار ، وشعر رأسه نازل على جبهته ، وكان دائم النّظر إلى الأرض حياء من الله تعالى ، فتبعه بعض الجند وصفعه على قفاه ، ففرّ وهو يقول : اللّهمّ لغفر له وارحمه ، فسقط الجنديّ ، فخرّ ابن أدهم على وجهه ، فاجتمع عليه السّادة الصّوفيّة ، وقالوا له : أ هكذا فضحت الخرقة ، ودعوت على الرّجل. فقال : واللّه ما دعوت عليه ، ولكن صاحب العنق غار على عنقه

173 – قالوا : « إِصْنَعْهُ صَنْعَةَ مَنْ طَبَّ لِمَنْ حَبَّ » ( 10 )

أي : صنعة حاذق لمن يحبّه . وهذا مثل يضرب للتّأنّق في الحاجة واحتمال التّعب فيها.

174 – قالوا : « ضَعِ الْفَأْسَ في الرَّأْسِ

وَخَلِّصِ النّاسَ مِنَ الْبَأْسِ » ( 10

فضع الفأس في الرّأس مثل من أمثال العامّة ، وظّفه الحريري في مقاماته ، ومعناه : أقبل على أمرك وأمضِه .

175 – قالوا : « مَدَّ اللَّيْلُ أَطْنابَهُ » ( 10 )

أطناب : جمع طَنَب ، وهو حبل الخيمة ، أستعير لدخول اللّيل وإرخاء ظلامه .

176 – قالوا : « حاكِمٌ مُسَدِّدٌ للرَّعاعِ

وَمُعَطِّلٌ أَحْكامَ وَدٍّ وَسُواعٍ » ( 11 )

مسدّد : مرشد - الرّعاع : سفلة النّاس وجهّالـهم – مُعطّل : مُبْطل ومدمّر

وَدٌّ وَسُواعٌ : صنمان كانا لقوم نوح عليه السلام ، وكانا يعبدان في الجاهلية ، فكان وَدّ لكليب ، وسُواعٌلهذيل .

والمعنى : حاكم مرشد وموجّه ومدمّر للكفر .

177 – قالوا : « لَبَنُ الْبَخْتِ في قِصاعِ الْخَنْجَلِ » ( 12 )

أي : إنّ أحسنه ما كان في الصّحاف ، وهي أواني الطّعام المصنوعة من خشب شجر الخنجل ، هذه كلمة فارسيّة معرّبة تعني نوعا من الشّجر تصنع منه القصاع .

178 – قالوا : « خافَ مِنْ عَدْوى عَرِّهِ » ( 13 )

أي : من انتقال الدّاء . والْعَرُّ هو الجَرْبُ .

ــــــــــــــ

المصدر :

( 1 ) المقامة التّاسعة والعشرون من : ( ص 275 إلى 311 )

( 2 ) المصدر نفسه ( ص : 295 )

( 3 ) و ( 4 ) نفسه ( ص : 296 )

( 5 ) نفسه ( ص : 297 )

( 6 ) نفسه ( ص : 298 )

( 7 ) و ( 8 ) نفسه ( ص : 299 )

( 9 ) نفسه ( ص : 300 )

( 10 ) نفسه ( ص : 301 )

( 11 ) نفسه ( ص : 303 )

( 12 ) نفسه ( ص : 306 )

( 13 ) نفسه ( ص : 307 )

 

 

?الْمَقامَةُ الصّورِيَّةُ ( 1 )

 

تتضمّنُ كون أبي زيد خطيبا في تزويج مكديةلمثلها ، وذلك بعد أن انتقل الحارث بن همام من مدينة المنصور إلى بلدة صور .

المنصور : هي بغداد نسبة إلى المنصور لأنه بانيها ، وهو أبو جعفر عبد الله السّفّاح الهاشمي العبّاسي ، ثاني خلفاء بني العبّاس .

صور : بلدة معروفة على السّاحل .

الأمثال وبعض الأساليب

 

179 – قالوا : « أَجْفَلَ إِجْفالَ النَّعامَةِ » ( 2 )

أي : أسرع سرعة النّعامة . أمّا النّعامة فيضرب بها المثل في الشّراد العدْو .

180 – قالوا : « سارَ معَ الْفُرّاطِ لِيَفوزَ بِحَلاوَةِ اللُّقّاطِ » ( 3 )

الْفُرّاط : مفرده الفارط ، وهو الّذي يسبق القوم إلى الماء والكلأ .

فَرَطْتُ القوم : تقدّمتهم .

قال الشّاعر :

فَاسْتَعْجَلونا وَكانوا مِنْ صَحابَتِنا # كَما يُعَجَّلُ فُرّاطٌ لِوارِدٍ

اللُّقّاط : ما يلتقط من نثار العرس .

180 – قالوا : « كَأَنَّ رَأْسَهُ ثَغامَةً » ( 4 )

يشبّه بها الشّيب في الحديث .

الثّغامة : شجرة بيضاء التّمر والزّهر .

181 – قالوا : « قَنْبَسُ بِنْتُ أبي الْعَنْبَسِ » ( 5 )

اسم المرأة المخطوبة مأخوذ من القنبس ، وهو الشّعلة ، أراد أنّها لحدّتها كالشّعلة تحرق من يلامسها .

الْعنْبس : من أسماء الأسد.

ــــــــــــــ

المصدر :

( 1 ) المقامة الثّلاثون من : ( ص : 312 إلى 323 )

( 2 ) المصدر نفسه ( ص : 312 )

( 3 ) نفسه ( ص : 313 )

( 4 ) نفسه ( ص : 316 )

( 5 ) نفسه ( ص : 318 )

 

 

?الْمَقامَةُ الرَّمْلِيَّةُ ( 1 )

 

 

تتضمّنُ وعظ أبي زيد للحجّاج في حال مسيرهم ، وكونه حجّ ماشيا في ذلك العام .

ذهب الحارث بن همام إلى ساحل الشّام للتّجارة فنزل بالرّملة .

الرّملة : بلد بالشّام قرب السّاحل ، ومنها شدّ الرّحيل إلى أمّ القرى للحجّ .

 

الأمثال وبعض الأساليب

 

183 – قالوا : « عانَقَهُ عِناقَ اللاّمِ لِلأَلِفِ » ( 2 )

أخذ ذلك من قول خالد بن بكر بن خارجة :

يا مَنْ إِذا قَرَأَ الإنْجيلَ ظَلَّ بِهِ # قَلْبُ الْحَنيفِ في الإِسْلامِ مُنْصَرِف

رَأَيْتُ شَخْصَكَ في نَوْمي يُعانِقُني # كَما تُعانِقُ لامُ الْكاتِبِ الأَلِفا

184 – قالوا : « مُعَرَّسٌ نَتَوَسَّدُهُ » ( 3 )

مُعرّس : آخر اللّيلنتوسّده : نأوي إليه / أصله : وضع الرّأس على الوسادة

ــــــــــــــ

المصدر :

( 1 ) المقامة الحادية والثلاثون من ( ص : 223 إلى 333 )

( 2 ) المصدر نفسه ( ص : 331 )

( 3 ) نفسه ( ص : 333 )

 

 

?الْمَقامَةُ الطَّيْبِيَّةُ أوِ الْحَرْبِيَّةُ ( 1 )

 

تتضمّنُ أنّ أبا زيد قام فيها بـمائة مسألة فقهيّة ملغّزة .

 

المـجمل :

فبعد أن قضى الحارث بن همام مناسك الحجّ ، قصد مدينة طيبة مع رفقة من بني شيبة لزيارة قبر الرسول صلّى اللّه عليه وسلّم ، فحضر ناديا به فقيه يحدّث القوم في أمور فقهيّة .

وخاض أبو زيد في مسائل فقهيّة على مذهب الشافعي ( الحريري نفسه شافعي المذهـب ) فجاء بإفتاء قد يتبادر للقارئ مخالفا ومنكرا لمن نظر إلى ظاهر الألفاظ . وأورد نماذج لإطلاع القارئ على بعض من ذلك .

ما تقول في من ؟

-توضّأ ثمّ لمس ظهر نعله ؟----à النعل يعني بها الزوجة

-قال : ينتقض وضوءه بفعله ( 2 )

-من توضّأ ثمّ اتّكأه البرد ؟----à البرد / النّوم

-قال : يجدّد الوضوء من بعد ( 2 )

-أَ يمسح المتوضّئ أُنْـثَـيَـيْـهِ ؟ ----à الخصيتان / الأذنان

-قال : نُدِب إليه ولم يوجب عليه ( 3 )

-هل للحاكم أن يضرب على يد اليتيم ؟ ----à الضّرب / الحجر

-قال : نعم إلى أن يستقيم ( 4 )

-أَ يجوز أن يكون الحاكم ظالما ؟----à الظّالم / الّذي يشرب اللّبن قبل أن يروب ويخرج زبده .

-قال : نعم إذا كان عالما ( 5 )

-ما يجب على عابد الحقّ ؟ -----à العابد / الجاحد – الحق / الدين

-قال : يُحَلَّفُ بإله الخلق ( 6 )

-ما تقول في التّهوّد ؟ ----àالتّهوّد / الدخول في ملّة اليهود – والتّهوّد / التّوبة، ومنه قوله تعالى : « إنّا هُدْنا إلَيْكَ »

-قال : هو مفتاح التّزهّد ( 7 )

-هل يجوز للمعرِّسِ أن يفطر في شهر رمضان ؟ ----à المعرّس / الرجل ليلة العرس - المعرّس / المسافر الّذي ينزل في آخر ليله ليستريح ثمّ يرتحل

-قال : نَعم بِملء فيه ( 8 )

ــــــــــــــ

المـصدر :

( 1 ) المقامة الثانية والثّلاثون من ( ص : 333 إلى 362 )

( 2 ) المصدر نفسه ( ص : 337 )

( 3 ) نفسه ( ص : 338 )

( 4 ) و ( 5 ) نفسه ( ص : 353 )

( 6 ) نفسه ( ص : 355 )

( 7 ) نفسه ( ص : 342 )

( 8 ) نفسه ( ص : 350 )

 

 

?الْمَقامَةُ التَّفْليسِيَّةُ ( 1 )

 

تتضمّنُ أنّ أبا زيد به لَقْوة ، وقام في المسجد سائلا .

تفليس : مدينة بالعراق ، وقيل بأذربجان .

اللّقْوة : ضرْب من الفالِج ، وهو داء يأخذ في الوجه فيعوج ويلوي شدقه إلى جانب فمه .

 

الأمثال وبعض الأساليب

 

185 – قالوا : « قَعَدَ لَهُ الْقَوْمُ الْحُبا » ( 2 )

الْحُبا : جمع حبْوة ، وهي جلسة رؤساء العرب

186 – قالوا : « تأَوَّهَ تَأَوُّهَ الأَسْيَفِ » ( 3 )

تأوّه : قال آه . الأسْيف : الحزين السّريع البكاء . وفي الحديث أنّ أبا بكر رجل أسيف .

ــــــــــــــ

المصدر :

( 1 ) المقامة الثّالثة والثّلاثون من ( ص : 362 إلى 369 )

( 2 ) المصدر نفسه ( ص : 336 )

( 3 ) نفسه ( ص : 364 )

 

?الْمَقامَةُ الزُّبَيْدِيَّةُ ( 1 )

 

تتضمّنُ أنّ أبا زيد باع ولده في صفة غلام ، فاشتراه الحارث .

زُبَيْد : بلدة باليمن ، قال عنها ابن الحريري : « ليس في اليمن بعد صنعاء أكبر منها ، ولا أغنى من أهلها ، ولا أكثر خيرا . وهي بلد واسعة البساتين ، كثيرة المياه والفواكه من الموز وغيره »

الأمثال وبعض الأساليب

 

187 – قالوا : « شالَتْ نَعامَةُ الْقَوْمِ » ( 2 )

يقال إذا تفرّقوا وارتحلوا ، أو ذهب عزّهم ، أو ماتوا .

النَّعامَةُ : باطِن القدم

188 – قالوا : « لَيْسَ كُلُّ مَنْ خَلَقَ يَفْري » ( 3 )

عبارة لها معنيان :

أ – ليس كلّ من وعدَ يفي

ب – ليس كلّ النّاس يقضي الحوائج

189 – قالوا : « ما حَكَّ جِلْدَكَ مِثْلُ ظُفْرِكَ » ( 3 )

مثل يضرب في ترك الاتّكال على النّاس .

قال الإمام الشّافعي رضي اللّه عنه :

ما حَكَّ جِلْدَكَ مِثْلُ ظُفْرِكَ # فَتَوَلَّ أَنْتَ جَميعَ أَمْرِكَ

وَإِذا قَصَدْتَ لِحاجَــةٍ # فَاقْصِدْ لِمُعْتَرِفٍ بِقَـدْرِكَ

190 – قالوا : « أَنْتَ في وادٍ ، وَهُوَ في وادٍ » ( 4 )

مثل يضرب في اختلاف المقاصد ، ومعناه أنّ بينك وبينه بَوْنٌ بعيد .

191 – قالوا : « مَنْ أَنْذَرَ فَقَدْ أَعْذَرَ » ( 5 )

أي : من حذّرك ما يحلّ بك ، أو به ، أو بهم ، فقد أعذر وصار معذورا ، ومنه :

« مَنْ حَذَّرَ فَقَدْ بَشَّرَ » .

192 – قالوا : « مَنْ بَصَّرَ فَما قَصَّرَ » ( 5 )

أي : من عرّف حقيقة الحال فما قصّر .

193 – قالوا : « بَيْتُ الْقَصيدَةِ » ( 6 )

مثل يضرب في النّادر العزيز .

194 – قالوا : « ما ذَهَبَ مِنْكَ وما وَعَظَكَ » ( 6 )

وهذا مثل يضرب للّذي يذهب من الشّخص أو يقع له ، فيحذّره ويدعوه إلى الحـرْص .

195 – قالوا : « سَحَبَ ذَيْلَ الْغَبْنِ وَالْغَبَنِ » ( 7 )

أي : جرّ ذيل البيع بأزيد من القيمة مع ضُعْفِ العقل .

ــــــــــــــ

المصدر :

( 1 ) المقامة الرّابعة والثّلاثون من ( ص : 370 إلى 383 )

( 2 ) المصدر نفسه ( ص : 370 )

( 3 ) و ( 4 ) نفسه ( ص : 371 )

( 4 ) نفسه ( ص : 378 )

( 5 ) نفسه ( ص : 379 )

( 6 ) نفسه ( ص : 380 )

( 7 ) نفسه ( ص : 381 )

 

 

?الْمَقامَةُ الشّيرازِيّةُ ( 1 )

 

تتضمّنُ المقامة أنّ أبا زيد درّب بِكْراً وطلب ما يجهّزها به ، وكنّى بذلك عن الخمر .

شيراز : من أعظم مدن فارس

الأمثال وبعض الأساليب

 

196 – قالوا : « رَمَقَهُ بِعَيْنٍ مِضْحاكٍ » ( 2 )

رمقه : نظر إليهمِضْحاك : كثير الضّحك

في هذا التّعبير أعطوا للعين الضّحك .

197 – قالوا : « يَداكَ أَوْكَتا ، وَفوكَ نَفَخَ » ( 3 )

أوْكى : شدّ . نقول : أوْكى السّقّاء القِرْبة إذا شدّها بِالْوِكاءِ ، وهو خيط .

198 – قالوا : « نَظْرَةٌ مِنْ ذي عَلَقٍ » ( 4 )

بمعنى أنّ من ذي هوى قد علِق قلبه بمن هواه . وهذا مثل يضرب لمن ينظر بودّ . وفي هذا المعنى قال أبو الطّيّب المتنبّي :

قِفا قَليلاً بِها عَلَيَّ فلا # أَقَلُّ مِنْ نَظْرَةٍ أُزَوِّدُها

 

ــــــــــــــ

المصدر :

( 1 ) المقامة الخامسة والثلاثون من ( ص : 383 إلى 390 )

( 2 ) و ( 3 ) و ( 4 ) المصدر نفسه ( ص : 837 – 388 – 390 )

 

 

?الْمَقامَةُ الْمَلْطِيَّةُ ( 1 )

 

تتضمّنُ ألغاز أبي زيد بالمقايضة ، أي بما يماثلها من الكلام .

ملطيّة : بلدة من بلاد الجزيرة العربية .

الأمثال وبعض الأساليب

 

199 – قالوا : « لاحوا أو ظهروا … مِثْلَ كَواكِبِ الْجِوْزاء »(2)

مثل يضرب في الانتظام والالتئام .

200 – قالوا : « أَعْرَفُ مِنَ الْمائِحِ بِأَسْتِ الْماتِحِ » ( 3 )

المائح : الّذي يستقي على رأس البئرالْماتِح : الّذي يملأ الدّلو في أسفلها

وهذا مثل أيضا ……………

201 – قالوا : « ما كُلُّ سَوْداءَ ثَمَرَةٌ » ( 3 )

مثل يضرب في خطأ الظّنّ .

202 – قالوا : « أَحْزَمُ مِنَ الحِرْباءِ » ( 3 )

الحرباءلها أربعة قوائم ، وتتلوّن ألوانا ، وتتشبّث بالأشجار ، ولا ترسل غصنا حتّى تمسِك غيره . يضرب بها المثل في الحزم والتّمسّك .

203 – قالوا : « ضَرَبوا دونَ وِجْهَتِهِ بِالأَسْداسِ » ( 3 )

ضربوا : من الضّرب المتعدّد المعاني ، ومنه ضرب الخيمة إذا شدّ أطنابـها بالأوتاد ، ورفع عمادها .

الأسْداسُ : جمع سدّ ، وهو الحاجز بين الشّيئين .

والمعنى : حالوا بينه وبين طريقه المتوجّه إليها .

وفي هذا قول الشّاعر :

وَمِنَ الْحَوادِثِ لا أبالَكَ أَنّني # ضَرَبْتُ على اْلأرضِ بِالأسْداسِ

204 – قالوا : « إنَّ دَواءَ الشَّقِّ أَنْ يُحاصَ » ( 4 )

ويزيدون : « وَإِلاّ فَالْقِصاصَ الْقِصاصَ »

الْحَوْصُ : الخياطة

وهذا مثل في رَتْقِ الْفَتْقِ وَإِصْلاحِ ما فسد .

205 – قالوا :« حَكَمَ حُكْمَ سُلَيْمانَ في الْحَرْثِ » ( 5 )

وقصة / المثل أنّ الحرث كان زرعا لقوم رعته غنم قوم آخرين ، ورُفع الحكم فيه لداود وسليمان عليهما السلام ، فحكم داود لأهل الحرث بِرِقاب الغنم ، وحكم سليمان بِمنافعها إلى أن يعود الحرث كما كان .

206 – قالوا : « سَمْتُكُمْ هَريقٌ في أَديمِكُمْ » ( 6 )

مثل يضرب للبخيل ينفق على نفسه ، ويريد أن يمْتنّ به على النّاس .

الأديم : هو الطّعام المأدوم .

207 – قالوا : « لَسْنا مِمّنْ سَمْتُهُمْ في أَديمِهِمْ » ( 6 )

ومقصد القائل : لسنا مثل من يوثر نفسه ويفضّلها على صاحبه . أي : أنهم ليسوا بخلاء .

208 – قالوا : « ما لي بِهَذا الأمْرِ يَدانِ » ( 7 )

أي : لا طاقة لي به . ووظّف الشّاعر المثل في قوله :

أَعْمِدْ لِما تَعْلو فَما لَكَ بِالّذي # لا تَسْتطيعُ مِنَ الأُمور يَدانِ

 

209 - « ظَلَّ يُشاوِرُ نَفْسَيْهِ » ( 7 )

يقال فلان يشاور نفسيه إذا تردّد واتّجه له رأيان ، لا يدري على أيّهما يُعَرّج . وعلى قول حاتم الطّائي :

أُشاوِرُ نَفْسَ الْجودِ حَتّى تُطيعُني

وَأَتْرُكُ نَفْسَ الْبُخْلِ لا أَسْتَشيرُها

210 – قالوا : « يُقَلِّبُ قَدْحَيْهِ »

كناية أيضا عن تردّده .

 

211 – قالوا : « كُلُّ الصَّيْدِ في جَوْفِ الْفَرا » ( 9 )

 

الْفَرا : حمار الوحش . وهذا المثل يضرب للرّجل يكون له حاجات ، ومنها واحدة كبيرة . فإذا قضيت تلك الكبيرة ، لم يبـالِ أن تُقْضَ باقي حاجاته .

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

ـــــــــــــــ

 

المصـدر :

 

( 1 )المقامة والثّلاثونمن ( ص : 390 إلى 403 )

 

( 2 ) إلى ( 9 ) بالتّرتيب ( ص : 392 – 393 – 394 – 398 – 401 – 404 )

 

 

 

?الْمَقامَةُ الصَّعْدِيَّةُ ( 1 )

 

 

 

تتضمّنُ مخاصمة أبي زيد عند القاضي مع ابنه ، ينسبه إلى العقوق .

 

صعدة : مدينة من بلاد اليمن يضرب بها المثل لحسن نسائها في زمن الحريري .

 

الأمثال وبعض الأساليب

 

 

 

212 – قالوا : « كَالْقَلَمِ الرَّديءِ والسَّيْفِ الصَّدئِ» ( 2 )

 

تشبيه القلم الرّديء بالولد العاق والأخ الشاق ، وتشبيه السّيف بالنّسبة للمحارب كالقلم إلى الكاتب .

 

213 - « قالوا : « شَوى أَخوكَ حَتّى إِذا أَنْضَجَ رَمَدَ » ( 2 )

 

مثل يضرب لمن يفتتح بالأحسن ويختم بالإساءة .

 

214 – قالوا : « أَعَزُّ مِنْ بيضِ الأُنوقِ » ( 3 )

 

أي : كمن يبغي ويطلب المحال لأنّ الأنـوق ذكر الرّخم من الطّير ، والأنثى الرّخمة ، ولا يظـفر ببيضها لأنّ أوكارها في رؤوس الجبال ، ومنه : « كمن يبغي بيـض الأنوق » .

 

215 – قالوا : « أَلْمَعُ مِنْ لِبْدَةِ الأَسَدِ » ( 4 )

 

لِبْدَة : شعر متلبّد على كتفيه وعلى كفله ، يضرب به المثل لأن أحدا لا يقدر على أن يدنو منه ، فكيف من لِبْدِه .

 

216 – قالوا : « تَحَكَّكَتِ الْعَقْرَبُ بِالأَفْعى » ( 5 )

 

مثل يضرب لمن ينازع من هو أقوى منه وأقدر .

 

217 – قالوا : « إِسْتَتَّتِ الْفِصالُ حَتّى الْقَرْعى » ( 5 )

 

هو مثل يضرب لمن يتكلم مع من لا ينبغي له أن يتكلّم بين يديه .

 

الاسْتِنانُ : متابعة الجري في سنن واحد ، أي طريق ومذهب .

 

الفصال : جمع فصيل وهو الصّغير من الإبل .

 

الْقرعى : جمع قريع وهو الذي به قرع ، وهو بثر أبيض يخرج بالفصال ، ودواؤه قديما عند العرب الملح وحباب ألبان الإبل .

 

218 – قالوا : « أَتَميمِيّاً مرَّةً ، وقَيْسِيّاً أُخْرى » ( 6 )

 

مثل يضرب للمتلوّن ، يتشبّه تميميا مرة في الاتّصاف بالأخلاق الحميدة ، وبقيس مرّة أخرى في الاتّصاف بالأخلاق الذّميمة ، وهما قبيلتان عظيمتان كانت بينهما مكافحات قبل الإسلام .

 

219 – قالوا : « مَعَ الْخَواطِئِ سَهْمٌ صائِبٌ » ( 7 )

 

هو من أمثال العرب في بخيل يعطي أحيانا مع بخله .

 

220 – قالوا : « ما كُلُّ بَرْقٍ خالِبٍ » ( 7 )

 

البرق خالب : أي لا غيث فيه .

 

ويراد من السّياق التّنبيه للتّمييز بين الأشياء ، وعدم الاغترار بالمظاهر ، بمعنى أيضا التّمييز بين المفيد وغير المفيد .

 

221 – قالوا : « نَصَبَ شَبَكَتَهُ ، وشَوى في الْحَريقِ سَمَكَتَهُ »(7)

 

وهذا من أمثال المولّدين . الأوّل يضرب في المكيدة وإخفاء الحلية ، والثّاني في التّدليـس .

 

222 – قالوا : « عَرَفَ شَجَرَةَ نارِهِ » ( 8 )

 

المعنى : عرف حقيقة حاله .

 

223 – قالوا : « اِسْتَعْرَفَ سانِحَهُ وَبارِحَهُ » ( 8 )

 

المعنى : عرف خيره وشرّه . والأصل أنّ السّائح من الظّباء ، وما أتاك عن يمينك ، والبارح ما ولاك مباشرة . وهو من الرّيّاح المثيرة للتّراب مع شدّة الهبوب .

 

224 – قالوا : « رَضَعَ أَخْلافَ الْخِلافِ » ( 9 )

 

أخلاف : جمع خِلف ، وهو ضرع النّاقة .

 

الْخِلاف : المخالفة

 

وهذا يقال لمن هو مخالف للمرغوب دائما .

 

225 – قالوا : « لاَ تَنْحَتْ عوداً قَبْلَ عَجْمٍ » ( 10 )

 

لا تنحره ولا تقلّمه . أي : قبل السَّبْر عليك بالاختبار ، وهذا دأب الفلاح . وعلى هذا القياس نقيس أمورا في حياتنا الاجتماعية . نقول عجمت العود ، أعجمه ، إذا عضضته لتعلم صلابته من رخاوته ، وهذا أسلوب يستعمله الفلاح للتّمييز بين العود الحيّ والميّت في الشّجرة .

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

ــــــــــــــ

 

المصـدر :

 

( 1 ) المقامة السابعة والثّلاثون من ( ص : 405 إلى 416 )

 

( 2 ) و ( 9 ) المصدر نفسه ( ص : 407 )

 

( 3 ) نفسه ( ص : 408 )

 

( 4 ) نفسه ( ص : 409 )

 

( 5 ) نفسه ( ص : 410 )

 

( 6 ) نفسه ( ص : 412 )

 

( 7 ) نفسه ( ص : 413 )

 

( 8 ) و ( 10 ) نفسه ( ص : 414 )

 

 

 

?الْمَقامَةُ الْمَرْوِيَّةُ ( 1 )

 

 

 

تتضمّنُ المقامة كون أبي زيد دخل مكديا عند الوالي فلم يجبه لما أراد ، فتعرّض له في كلامه .

 

مَرْوَ : هي بلدة بالعراق من بلاد خراسان أيّام الحريري .

 

الأمثال وبعض الأساليب

 

 

 

226 – قالوا : « أَشْدِدْ يَدَكَ بِغَرْزِهِ » ( 2 )

 

هو مثل يضرب في الحثّ على التّمسّك بالشّيء ولزومه .

 

الْغَرْزُ : هو للبعير بمنزلة الركاب للفرس .

 

227 – قالوا : « يَضَعُ الْهِناءَ مَواضِعَ النُّقْبِ » ( 3 )

 

الهناء : هو القطران

 

النّقب : جمع نُـقْبة ، وهي أول ما يبدو من الجرب ، كناية عن كونه خبيرا بأوضاع الأدب ، وهو مثل يضرب لمن يحسن صنعة ، ويضع الأشياء في مواضعها .

 

228 – قالوا : « هُوَ أَسْيَرُ مِنَ الْمَثَلِ » ( 3 )

 

مثل يضرب لكثير السّير في البلاد ، أو لشيء آخر يتميّز بالحركة والانتشار .

 

229 – قالوا : « بَشَّرَهُ رَجْرُ الطَّيْرِ » ( 3 )

 

يراد به التّفاؤل . والأصل في القول أنّ الرّجل في الجاهليّة إذا أراد حاجة ، أتى الطّير في وكره فنفّره ، فإن أخذ يمينا مضى لحاجته ، وإن أخذ شمالا رجع . ومنه : « الْفَأْلُ بَريدُ الْخَيْرِ » أي : رسوله .

 

230 – قالوا : « عَذَقَ شاتَهُ » ( 4 )

 

عذق : يعذقها إذا ربط في صوفها خرقة تخالف لونها . والمقصود أيضا ، وضع علامة على شيء لتبيان تعلّقه به أو ملكيته . ويقال عند البعض في الخِطْبة مزاحا ، وعند شراء بهيمة من سوق المواشي …الخ .

 

231 – قالوا : « لَوى عِذارَهُ عَمَّنْ اِزْدارَهُ »

 

لَوى عِذاره : صرف وجهه

 

الْعِذار : بكسر العين يطلق على الشّعر النّابت في موضع الْعِذار .

 

اِزْداره : زاره

 

232 – قالوا : « لَوْلا الْمُروءَ ة ضاقَ الْعُذْرُ عَنْ فَطِنٍ » ( 6 )

 

وهو مثل في قول القائل :

 

لَوْلا حُقوقُ ذَوي الْحُقوقِ لأَصْبَحَتْ

 

في عَيْني الدُّنْيا الدَّنيّـةُ هَيِّنَـهْ

 

إِنْ كُنْتُ أُعَمِّرُ ضَيْعَةً أَوْ مَسْكَناً

 

فلأَجْلِ صاحِبِ ضَيْعَةٍ أَوْ مَسْكَنِهْ

 

233 – قالوا : « شُكْرُ الْمَعْروفِ عِنْدَ أَهْلِ الْجودِ

 

أَعْطَرُ مِنْ ريحِ الْمِسْكِ » ( 7 )

 

ومعناه في قول لشاعر ( الحريري ) :

 

وَما تَنَشَّقَ نَشْرُ الشُّكْرِ ذو كَرَمٍ # إلاّ وَأَزْرى بِنَشْرِ الْمِسْكِ مَفْتوتا

 

234 – قالوا : « لاَ أَفْعَلُ أوْ لاَ يَفْعَلُ ذَلِكَ حَتّى يَرِدَ الضَّبُّ » (7)

 

ويقال هذا في التّأبيد والإضراب .

 

235 – قالوا : « أَحَلَّهُ مَقْعَدَ الْخاتِنِ » ( 8 )

 

الْخاتن هو الّذي يختن الصّبيّ ، وهو مثل يضرب في فرط القرب ، ويقصد به كامل العناية .

 

236 – قالوا : « أَحَلَّهُ مَزْجَرَ الْكَلْبِ » ( 8 )

 

يضرب في فرط البعد كناية .

 

237 – قالوا : « ما مَجَدَ مَنْ جَمَدَ »

 

أي : ما شرُفَ من بخل أو تكاسل في شيء .

 

ومنه قول الشّاعر :

 

سَيِّدُنا مَنْ يَسُدُّ خِلَّتَنا # وَكُلُّ مَنْ لَمْ يُسْدِ لَمْ يَسِدِ

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

ــــــــــــــ

 

المـصدر :

 

( 1 ) المقامة الثامنة والثّلاثون – من ( ص : 416 إلى 425 )

 

( 2 ) المصدر نفسه ( ص : 416 )

 

( 3 ) و ( 4 ) نفسه ( ص : 418 )

 

( 5 ) نفسه ( ص : 420 )

 

( 6 ) و ( 7 ) نفسه ( ص : 422 )

 

( 8 ) نفسه ( ص : 424 )

 

 

 

?الْمَقامَةُ الْعُمّانِيَّةُ ( 1 )

 

 

 

تتضمّنُ ركوب أبي زيد البحر ، وأنّه كتب عزيمة الطّلق للحامل ، فوضعت حملها . أمّا أحداثها فتقع في بلدة صُخارَ .

 

صُخارُ : اسم بلدة كبيرة ، وهي قصبة اليمامة بعمان على ساحل البحر .

 

الأمثال وبعض الأساليب

 

 

 

238 – قالوا : « أَقْبِسْنا نارَكَ » ( 2 )

 

أي : أعطنا من نارك . والمراد : أهْدنا وأخبرنا بما عندك . وهذا من أقوال العرب .

 

239 – قالوا : « ما فاهوا بِبَيْضاءَ وَلاَ سَوْداءَ » ( 3 )

 

وفيها كناية عن الكلمة الطّيّبة والكلمة الرّديئة .

 

240 – قالوا : « أَخْلَفُ مِنْ نارِ الْحَباحِبِ » ( 3 )

 

الْحَباحِبُ : هو حيوان يرى باللّيل كأنّه نار . وقيل : هو ما يتطاير من الشّرر في الهواء بتصادم حجرين . وقيل : هو رجل بخيل كان يوقد نارا ضعيفة مخافة أن يقصده الضّيـوف ، فإن أحسّ بإنسان أطفأها لئلاّ يأخذ أحد من ناره ، فضرب يه المثل .

 

241 – قالوا : « أَقَلُّ مِنْ لَفْظِ لاَ » ( 4 )

 

مثل يضرب للسّرعة أو قصر الزّمان ، أي : كالنّطق بلا ، ومنه قولهم أيضا : « لَمْ يَكُنْ إلاّ كَلاَ ولاَ حَتّى »

 

242 – قالوا : « أدْنَتِ الرّقْلَةُ بِفَسيلَةٍ » ( 4 )

 

الْفسيلة : الْفَرْخُ الذي يخرج من أصل النّخلة .

 

 

 

 

 

الرّقلة : نخلة طويلة

 

والمعنى : أَعْلَمَتِ الْمرأةُ وتحقّق حَمْلُها .

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

ــــــــــــــ

 

المصدر : ( 1 ) المقامة التّاسعة والثّلاثون – من ( ص : 425 إلى 438 )

 

( 2 ) المصدر نفسه ( ص : 427 )

 

 

 

?الْمَقامَةُ التَّبْريزِيَّةُ ( 1 )

 

 

 

تتضمّنُ تخاصم أبي زيد وزوجته عند القاضي ، وأخذهما منه دينارين .

 

التّبريز : هو الخروج إلى البراز ، أي إلى الأرض الواسعة التي لا شجر فيها . والمراد في النّصّ ، الخروج إلى السّفر .

 

التّبريزيّة : هي قرية من بلد العواصم من كور أذربجان من بلد خراسان .

 

الأمثال والأساليب

 

 

 

243 – قالوا : « لَوْ سَأَلْتَني نُفاثَةُ سِواكٍ ما أَعْطَيْتُكَ » ( 2 )

 

نُفاثَةُ السّواك : ما يطرح من الفم بعد الاستياك

 

وهذا مثل للشّيء التّافه .

 

244 – قالوا : « هِيَ أَكْذَبُ مِنْ سَجاحِ » ( 3 )

 

سَجاحُ : هي بنت المنذر ، ادّعت النّبوّة بعد بعثة الرّسول صلّى اللّه عليه وسلّم ، وفي عهد مسيلمة الكذّاب . ولما سمع بها هذا الأخير ، خاف أن يتبعها النّاس ، فتوجّه إليها وخطبها لنفسه ، فوهبت له نفسها ، وقيل أنّها أسلمت وحسُن إسلامها .

 

245 – قالوا : « أَعْيَبُ مِنْ بَغْلَةِ أَبي دُلامَةَ » ( 4 )

 

أبو دلامة : اسمه زيد بالنون بن الجون . كوفيّ أسود ، مولى لبني أسد . أدرك آخر بني أميّة ، ونبغ في أيّام بني العبّاس ، ومدح السّفّاح والمنصور . ومن عيوب بغلته أنّها كانت تحبس بولها ، فإذا ركبها ومرّ بها على جماعة ، وقفت ورفعت ذنبها وبالت ، فرشّتهم ببولها . وقد كانت بغلة أبي دلامة أقبح الدّواب ، ويضرب بها المثل في كثرة العيوب ، وله فيها قصائد كقوله :

 

أَرى الشّهْباءَ تَعْجِنُ إِذا غَدَوْنا # بِرِجْلَيْها وَتَخْبِزُ بِالْيَدَيْنِ

 

246 – قالوا : « أَخْطَأَتْ أُسْتُهُ الْحُفْرَةَ » ( 5 )

 

مثل يضرب لمن يخطئ في مقصده ، ويضع الشّيء في غير موضعه . ويروى أنّ المختار بن أبي عبيد قال وهو في الكوفة : « لأَصِلَنَّ الْبَصْرَةَ ، ولأَرْمِينَّ دونها بِنِشابٍ ، ثُمَّ لأَمْلِكَنَّ السِّنْدَ وَالْهِنْدَ » فلمّا بلغ هذا القول الحجّاج قال :

 

« أَخْطَأَتْ أُسْتُهُ الْحُفْرَةَ ، وأَنا واللّهِ صاحِبُ ذلِكَ »

 

247 – قالوا : « لَقيتُ مِنْها عَرَقَ الْقِرْبَةِ » ( 6 )

 

وهذا مثل لمن يلقى شدّةً من الأمر الّذي يزاوله ، كما أنّ حامل القربة يلقى جهدا حـين يعرق .

 

248 – قالوا : « أَحْمَقُ مِنْ رِجْلَةٍ » ( 7 )

 

رِجْلة : ضرْب من الحِمْض ينْبت في مجاري السّيل فيخترقها . ( الحَمّيضة بالدّارجة )

 

249 – قالوا : « أَلأَمُ مِنْ مادِرٍ » ( 8 )

 

مارِدُ : رجل من بني هلال بن عامر ، كان اتّخذ حوضا لسقي إبله ، فلمّا رويت سَلَحَ فيه ومَدَرَهُ بِسَلْحِهِلِئلاّ ينتفع به من يأتي بعده ، فقالوا فيه هذا .

 

250 – قالوا : « أَشْأَمُ مِنْ قاشِرٍ » ( 9 )

 

قاشرُ : فَحْلٌ كان في بعض قبائل سعد بن زيد منّاة بن تميم ، وما طرق إبلا إلاّ ماتت . وقيل : المراد به العام الجذْب ، وسمي قاشرا لقشره ما على وجه الأرض من النّبات .

 

251 – قالوا : « أَجْبَنُ مِنْ صافِرٍ » ( 10 )

 

صافر : اختُلف في تفسيره ، فقال بعضهم هو كلّ ما يصفر من الطّير ، وخُصّ بالجبْن لكثرة ما يتّقيه من جوارح الجوّ ومصايد الأرض . وقيل : إنّه طائر بعينه ، إذا جنّه اللّيل تعلّق ببعض الأغصان ، ولم يزل يصفّر طول ليله خوفا على أن ينام فيؤخذ . وقيل : إنّه الّذي يصفر بالمرأة لريبة ، وهو يجبن وقت صفيره مخافة أن يظهر على أمره . وقيل : المراد في المثل المصفور والّذي ينذر بالصّفير ليهرب .

 

252 - « وافَقَ شَنٌّ طَبَقَةً ، وَحَدَأَةٌ بَنْدَقَةً » ( 10 )

 

مثل يراد به أنّ كلاّ منهما كُفْءٌ لصاحبه . واختلف في تفسير المثلين ، فتنوّعت قصصهما ، ومنها : إنّهما قبيلتان ( شنٌّ وطبقة ) أوقعت كلّ واحدة الأخرى فتساوتا في المكر . ومن قال أنّ شنّا رجل من دهاة العرب ، كان قد ألزم نفسه أن يتزوّج إلا بامرأة تلائمه . وكان يجوب البلاد بحثا عن طلبه ، فصاحبه رجل في بعض أسفاره . فلمّا أخذ منهما السّير قال له شنّ : احملني أم أحملك ؟ . فقال الرّجل : يا جاهل ! وهل يحمل الرّاكب الرّاكبَ ؟! فأمسكا مسارا حتّى أتيا على زرع . فقال : أ ترى هذا الزّرع أكل أو لا ؟ . فقال الرّجل : يا جاهل ! أما تراه في سنبله ؟! فأمسك إلى أن استقبلتهما جنـازة ، فقال له شنٌّ : أ ترى صاحبها حيّا أم لا ؟ . فقال : ما رأيت أجهل منك ، أتراهم حملوه إلى القبر حيّا ؟! . ولمّا وصلا إلى قرية الرّجل ، سار بشنّ إلى منزله . وكانت للرّجل بنت تسمّى طبقة ، فأخذ أبوها يطرفها بحديث رفيقه ، فقالت له : ما نطق إلاّ بالصّواب ، ولا استفهم إلاّ عمّا يُستفهم عن مثله ذووا الألباب . أمّا قوله : أ تحملني أم أحملك ؟ أراد به أ تحدّثني أم أحدّثك حتّى نقطع الطريق بالحديث . وأمّا قوله : أ ترى هذا الزّرع أكل أم لا ؟ فأراد به ، هل استسلف أربابه ثمنه أم لا ؟ . أمّا ما استفهمه عن حياة صاحب الجنازة ، فإنّه أراد به : أ أخلف عقبا يحيا ذكره به أم لا ؟ . فلمّا خرج إلى الرّجل حدّثه بتأويل ابنته لكلامه ، فخطبها على التّوّ ، فزوّجه إيّاها . ولمّا سار بها إلى قومه ، وخبروا ما فيها من الدّهاء والفطنة ، قالوا : وافَقَ شنٌّ طبَقة ، فسار مثلا .

 

وسئل الأصمعي عن تفسير المثل ، فقال : أظنّ أنّ الشّنّ وِعاء من أُدْم كان قد اسْتشـنّ ، فلمّا وُضع له غطاء وافقه ، وضرب فيه هذا المثل .

 

أمّا حدأة وبندقة ، فإنّه يقال في المثل المضروب لمن يفزع بعدوه أو يبتلى بنظيره . وفي القول : حَدَأَ حَدَأ وراءك بندقة ، فمراده فيه خلاف . قيل : الحَدَأَةُ هو طائر ، وبندقة للرّامي . وقيل : قبيلتان تبادلتا الإغارة والغلبة .

 

 

 

ــــــــــــــ

 

المـصدر :

 

( 1 ) المقامة الأربعون – من ( ص : 437 إلى 450 )

 

( 2 ) المصدر نفسه ( ص : 439 )-( 3 ) نفسه ( ص : 440 )

 

( 4 ) نفسه ( ص : 443 )-( 5 ) نفسه ( ص : 445 )

 

( 6 ) نفسه (ص : 439 )-( 7 ) نفسه ( ص : 441 )

 

( 8 ) و ( 9 ) و ( 10 ) (ص: 443 )-( 11 ) نفسه ( 444)

 

 

 

?الْمَقامَةُ التَّنّيسيّةُ ( 1 )

 

 

 

تتضمّنُ هذه المقامة قيام أبي زيد واعضا ، وقيام ابنه طالبا ، وكيف عَطَّف أبو زيد النّاس على ابنه .

 

تَنّيسُ : بلدة من مصر ، ولا تبعد عن دمياط . وهي مدينة يحيط بها البحر الأعظم ، وبها مرسى ، واشتهرت بالنّسيج ، والثّياب الرّقيقة ، والعصائب ، والبُرود المُوشّاة .

 

المجمل

 

في أحداث هذه المقامة توجّه الرّاوي ( الحرث بن همام ) إلى تنّيسَ ، ودعته غربته إلى دخول أحد المساجد ، فجلس إلى حلقة مُلْتحمة ، وسمع كلاما ومواعضَ مُبْكيّة ، وإنْشادا من شيخٍ فاستعذب كلامه ، وبقي ينتظره حتّى جمع صبيُّه على النّاس ما تكرّموا به ، فتبعه . ولمّا كشفه بفراسته ، طلب أبو زيد السّروجي منه مصاحبته إلى البيت ليتنازعا كأس الكُمَيْتِ ، ولم يتأخّر الرّاوي عن لومه بالآية الكريمة : « أَتأْمُرونَ النّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنْسَوْنَ أَنْفُسَكُمْ » . لكنّ أبا زيد اكتفى بالرّدّ عليه ببيتين من الشّعر ، وانطلق إلى حاله .

 

الأمثال والأساليب

 

 

 

253 – قالوا : « يُسَنّي الْمَطْلوبَ حَتّى أَنْبَطَ حَفْرُهُ ،

 

واعْشَوْشَبَ قَفْرُهُ » ( 2 )

 

أنْبَطَ حَفْره : صار ذا نَبَط ، وهو الماء المستخرج من البئر قبل أن تطوى .

 

اِعْشَوْشَبَ قَفْره : صار ذا مال من العطايا .

 

254 – قالوا : « لاَ تُنَقِّرْ عَنّي وَلاَ تُنَقِّبْ » ( 3 )

 

التّنقير والتّنْقيب : كلاهما بمعنى الفحص والبحث .

 

255 – قالوا : « يا أَهْلَ الْحَصاةِ والإِنْصاتِ »

 

في بدايات الخُطب ، كثيرا ما تتصدّر هذه الجملة .

 

الْحَصاةُ : أي يا أهل العقول ، والرّزانة ، والحكم ، والسّكوت ، والاستماع ، ومنه قول طرفة بن العبد :

 

إِنَّ لِسانَ الْمَرْءِ ما لَمْ يَكُنْ لَهُ # حَصاةٌ عَلى عَوْراتِهِ لَدَليلُ

 

256 – قالوا : « فَلَمّا نَزَعَ الْكيسُ ، اِنْصَلَتَ يَميسُ » ( 4 )

 

نَزَعَ : ِإمْتَلأ جيِّدا-إِنْصَلَتَ : مضى مسرعا–يَميسُ : يتمايلُ من فرحه

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

ــــــــــــــ

 

المصدر :

 

( 1 ) المقامة الحادية والأربعون – من ( ص : 453 إلى 461 )

 

( 2 ) و ( 4 ) المصدر نفسه ( ص : 458 )

 

( 3 ) و ( 5 ) نفسه ( ص : 460 )

 

 

 

?الْمَقامَةُ النّجْرانِيَّةُ ( 1 )

 

 

 

تتضمّنُ إلقاء أبي زيد ألغازا في بعض الأشياء .

 

نَجْرانُ : من اليمن ، سميت باسم بانيها نجران بن يشجب بن يعرب بن قحطان .

 

المجمـل

 

انتقل الحرث بن همام ( راوي المقامات ) إلى نجران ، فنزل في محفل وجدهم يتناظرون بالألغاز ، وبينما هو جالس إذا به يرى إقبال شيخ عليه ثوب خِلق ، حيّاهم بلسان حادّ فصيح ، فلاموه لأنّه أوقف تناظرهم في الألغاز ، فاعتذر ، فدعوه للمشاركة فقبل ، فاشترطوا عليه أن يأتي بعشرة ألغاز ، فأنشد في مروحة الخيش والحبل وهو حابول النخـل ، وفي القلم والدولاب والنّاعورة أو الدّلو ، وفي المُزمّلة وهي جرّة مكْسوّة ، وفي الظّفر ، وفي طاقة الكبريت ، وفي الخمرة وهو حلب الكرم ، وفي الطيّار وهو ميزان الذّهب ، وفي الميل وهو المِرْود الّذي يُكْتَحَلُ به .

 

فلمّا أتمّ إِنْشاده انتظر كثيرا ، فلم يستطع أحد استخراج الخبِيِّ ، فطلبوا منه أن يتحكم كيف شاء ، فأوجب عليهم عن كلّ لغز فرْضا ( مالا ) استخلصه ، ففسّر لهم الألغاز ، وطلبوا منه أن يستنسب فيعرفوه ، فأنشد :

 

سَروجٌ مَطْلَعُ شَمْسي # وَرَبْعُ لَهْوي وأُنْسي

 

شمس : بلده وبها مولده .

 

سروج : هو أبو زيد السّروجي بطل مقامات الحريري . وقيل هي بلده .

 

الأَلْـــغــاز ( بعض منها )

 

 

 

ملحوظة : كانت هذه الألغاز ضمن مسابقة للتلاميذ الذين اقتنوا مجلة الفصل التي أنجزت بإعدادية تريفة ببركان ، وللسنة الدراسية 1992 –1993 .

 

 

 

 

 

 

 

 

 

وَمُنْتَسِبٌ إِلى أُمٍّ # تَنَشَّأَ أَصْلُهُ مِنْهـا

 

يُعانِقُها وَقَدْ كانَتْ # نَفَتْهُ بُرْهَةً عَنْها

 

بِهِ يَتَوَصَّلُ الْجاني # وَلاَ يُلْحى ولا يُنْهى

 

هو الحابول ، أي : حبل من سعف النّخيل .

 

 

 

وَمأْمومٍ بِهِ عُرِفَ الإِمامُ # كَما باهَتْ بِصُحْبَتِهِ الْكِرامُ

 

لَهُ إذْ يَرْتَوي طَيَشانُ صادٍ # وَيَسْكُنُ حينَ يَعْروهُ الأَوامُ

 

وَيَذْري حينَ يُسْتَسْعى دُموعاً # يَرُقْنَ كَما يَروقُ الابْتِسامُ

 

وهو القــلــم .

 

 

 

وَجافٍ وَهُوَ مَوْصولُ # وَصولٌ لَيْسَ بِالْجافي

 

غَريقٌ بارِزٌ فَأُعْجَبْ # لَهُ مِنْ رَواسِبِ طافي

 

يَسُحُّ دُموعَ مَهْضومٍ # وَيَهْضِمُ هَضْمَ مِتْلافِ

 

وَتَخْشى مِنْهُ حِدَّتُهُ # وَلَكِنْ قَلْبُهُ صافــي

 

وهو الدّولاب ، أي : النّاعورة أو الدّلو .

 

 

 

وَمَسْرورَةٍ مَغْموسَةٍ طولَ دَهْرِها

 

وَما هِيَ تَدْري ما السُّرورُ ولا الْغَمُّ

 

تُقَرِّبُ أَحْيانأ لأَجْلِ حَنينِـهـا

 

وَكَمْ وَلَـدٍ لَـوْلاهُ طُلِّقَـتِ الأُمُّ

 

وَتُبْعَدُ أَحْياناً وما حالَ عَهْدُها

 

وَإِبْعادُ مَنْ لَمْ يَسْتَحِلْ عَهْدُهُ ظُلْـمُ

 

إذا قَصُرَ اللّيْلُ اسْتُلِذَّ وِصالُها

 

وَإنْ طالَ فالإِعْراضُ عَنْ وَصْلِها نُعْمُ

 

لَها مَلْبَسٌ بادٍ ، أَنيـقٍ ، مُبَطَّنٍ

 

بِما يُزْدَرى لَكِنْ لِما يُزْدَرى الْحُكْمُ

 

وهي الْمُزَمِّلَةُ : جرّة أو خابيـة مبطّنة بثوب أو خيْش .

 

 

 

وَمَوْهوبِ الشَّبا نـامٍ#وما يَرْعى وَلا يَشْـرَبِ

 

يُرى في الْعَشْرِ دونَ النَّحْرِ # فَاسْمَعْ وَصْفَهُ واعْجَبِ

 

وهو الظُّـفْرُ .

 

 

 

وَذي طَيْشَةٍ شِقُّهُ مائِلُ#وَما عابَهُ بِهِما عاقِــــلُ

 

يُـرى أَبَداً فَوْقَ عِلِّيَّـةٍ# كَما يَعْتَلي الْمَلِكُ الْعـادِلُ

 

تَساوى لَدَيْهِ الْحَصا وَالنُّضارُ # وَما يَسْتَوي الْحقُّ وَالْباطِلُ

 

وَأَعْجَبُ أَوْصافِهِ إِنْ نَظَرْتَ # كَما يَنْظُرُ الْكَيِّسُ الْفاضِـلُ

 

تَراضى الْخُصومُ بِهِ حاكِماً # وَقَدْ عَرَفوا أَنّـهُ مـائِــلُ

 

وهو الطّيَّارُ : معْيارُ الذّهب أو ميزان الذّهب .

 

ولمّـا فسّر أبو زيد السّروجيّ ألغازه وهمّ بالخروج ، ناشده القوم بالبقاء ، ووعدوه بوعود عظيمة لكنّه لم يقبل ، لا لشيء إلاّ لأنّ الكاتب أراد أن ينتقل مع الشّخصيّة الرّئيسيّة في مقاماته إلى بلد آخر ، وحكْيِ آخر على ما يبدو .

 

257 – قالوا : « أَلْقى الْبَعيرُ جِرانَهُ » ( 2 )

 

الْجِرانُ : هو مقدّم العنق من المذبح إلى المنحر .

 

ويقال ذلك إذا برك البعير ومدّ عنقه على الأرض ، وهذا كناية عن الإقامة .

 

258 – قالوا : « بَيَّنَ الصُّبْحُ لِذي عَيْنَيْنِ » ( 3 )

 

هو مثل يضرب للأمر يظهر كلّ الظّهور .

 

259 – قالوا : « تَحَلَّلَتْ عُقَدُهُ » ( 4 )

 

مثل يُضرب للغضْبان يسكن غضبه .

 

260 – قالوا : « الصَّبْرُ حُكْمٌ ، وَقَليلٌ فاعِلُهُ » ( 5 )

 

أي : حِكْمَةٌ .

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

ــــــــــــــ

 

المـصدر :

 

( 1 ) المقامة الثّانيّة والأربعون – من ( ص : 461 إلى 473 )

 

( 2 ) المصدر نفسه ( ص : 461 )

 

( 3 ) نفسه ( ص : 463 )

 

( 4 ) نفسه ( ص : 464 )

 

( 5 ) نفسه ( ص : 469 )

 

 

 

?الْمَقامَةُ الْبَكْرِيَّةُ أَو الْبَدَوِيَّةُ ( 1 )

 

 

 

تتضمّنُ ذكر خبر ناقة أبي زيد ، ومدْح البكْر الثّيّب وذمّها ، وذمّ الأدب .

 

الأمثال وبعض الأساليب

 

 

 

261 – قالوا : « سارَ سَيْرَ الضّارِبِ بِقَدَحَيْنِ »

 

والمعنى : بين يأس وطمع ، كمن يضرب بقدحي فوز وخيبة ، أو سار خائفا حذرا .

 

262 – قالوا : « لا زالَ بَيْنَ وَخْذٍ وَذَميلٍ »

 

الْوَخْذُ : سِعَةُ الْخَطْوِالذَّميلُ : سيرٌ متوسّط

 

263 – قالوا : « اِقْتَحَمَ جَيْشَ حامٍ »

 

كناية عن اشتداد الظّلام لأنّ حاما أبو السّودان هو من أبناء نوح عليه السّلام .

 

264 – قالوا : « أَ أَخوكَ أَمِ الذِّيبُ ؟ »

 

مثل يضرب في الارتياب بالشّيء . ومعناه : هذا ولِيٌّ أمْ عَدُوٌّ . أمّا أصل المثل ، فهو أنّ صديقا لراعي غنم هجم عليه في جوف اللّيل وقال له : أخوك لا الذّيب .

 

265 – قالوا : « أَضِئْ لي أَقْدَحُ لَكَ »

 

وهو مثل يضرب للمساواة في المكافأة بالأفعال . ومعناه : كُنْ لي أكُنْ لَكَ ، أو كنْ لي أكثر ممّا أكون لك لأنّ الإضاءة فوق القدح . ويراد به أيضا : اِسْألني أخبرك . وأصل المثل أنّه للُقمان بن عاد ، قاله عندما اضطرّه العطش إلى فناء بيت كانت فيه امرأة تداعب رجلا ، فقال لها : من هذا الشّابّ إلى جنبك ؟ ، فقد علمته ليس ببعْلِكِ . فقالـت : أخي . فقال لقمان : رُبَّ أَخٍ لَمْ تَلِدْهُ أمّك . وذهب مثلا في الاتّهام . ويراد به أيضا : يواسيك ويؤاخيك من ليس بأخ شقيق .

 

266 – قالوا : « عِنْدَ الصَّباحِ أَوِ الصُّبْحِ يَحْمَدُ الْقَوْمُ السُّرى »

 

مثل يضرب في احتمال المشقّة رجاء الرّاحة . وعن المفضّل أنّ أوّل من قاله خالد بن الوليد حين بعثه أبو بكر رضي الله عنهما إلى العراق . ولقد أحسن من ضمّن هذا المثل قوله :

 

يا نَفْسُ قومي بَعْدَ ما نامَ الْوَرى# أَنْ تَعْمَلي خَيْراً فَذو الْعَرْشِ يَرى

 

267 – قالوا : « بَخْ بَخْ »

 

يقال عند مدح أو إطراء ، وعند استحسان الشّيء ، ومنها فعل بَخْبَخَ .

 

268 – قالوا : « زَفَّ زَفيفَ الرّالِ »

 

مثل يقال في السّرعة . والزّفيف هو الطّيران أو المشي على عجلة ، ومنه قوله تعالى : « فَأَقْبَلوا إِلَيْهِ يَزِفُّونَ …»

 

أمّا الرّالُ فهو فرْخُ الحمام ، والجمع رِئالٌ . ومن المثل قولهم للطّائشِ : « الْحُلْمُ زَفَّ رَأْلَهُ »

 

269 – قالوا : « نَثَلوا كِناناتِهِمْ »

 

كناية عن إتمام كلامهم .

 

270 – قالوا : « غُلٌّ قَمِلٌ »

 

هو مثل يضرب لكلّ ما يلقى منه شدّة . وأصله أنّهم كانوا يغلّون الأسير بالحديد وعليه الوبر ، فإذا طال عليه قمْلٌ ، أي وقع فيه القمْل يكون جَهدا على جَهد . وقال الأصمعي أنّه ضرب مثلا للمرأة السّيّئة الخُلق . ومنه حديث عمر رضـي اللـه عنه : « النّساء ثلاث : فهيّنةٌ ليّنةٌ عفيفةٌ مسلمةٌ ، تعين أهلها على العيش ، ولا تعين العيشَ على أهلها ، وأخْرى وِعاءٌ للْولدِ ، وَأُخْرى غُلٌّ قَمِلٌ يضعُـه اللّه في عُنُقِ من يشاء ، ويكفّه عمّنْ يشاءُ . »

 

271 – قالوا : « نَزا نَزَوانَ الْعُنْظُبِ »

 

الْعُنْظُبُ : الْجَرادُ . يضرب به المثل في النّزوان ، وهو الْوُثوبُ .

 

272 – قالوا : « جَلَدَ عُمَيْرَةَ ، واسْتَغْنى عَنِ الْمُهَيْرَة »

 

كناية عن الخَضْخَضَةِ والاسْتِمْناءِ بالْكَفِّ ، وهو منْهِيٌّ عنه شرعا . أمّا المهيرة فتصغير للحرّة الغاليّة المَُهْر .

 

273 – قالوا : « الْبَخيلُ لا يَميرُ وَلَوْ كانَ أَميراً »

 

يَميـرُ : يعطي الميرَةَ وهي الطّعام .

 

274 – قالوا : « كُلِ الْبَقْلَ وَلاَ تَسَلْ عَنِ الْمَبْقَلَةِ »

 

وهذا من قول المولّدين .

 

275 – قال الحريريّ عن كساد الأدب : « الأَدَبُ إِنْ لَمْ يَعْضُدْهُ نَشَــبٌ [ مال ] ، فَدَرْسُهُ نَصَبٌ [ تَعَبٌ ] ، وَخَزْنُهُ حَصَبٌ ، أي : ما يرمى به في النّار ] .

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

ــــــــــــــ

 

المـصدر :

 

( 1 ) المقامة الثّالثة والأربعون – من ( ص : 473 إلى 495 )

 

مقامات الحريري طبعة المكتبة التّجاريّة الكبرى شارع محمد علي ص . ب : 578 لصاحبها مصطفى محمد ، وهي طبعة قديمة .

 

 

 

?الْمَقامَةُ الشَّتْوِيَّةُ ( 1 )

 

 

 

تتضمّنُ إنْشاء أبي زيد قصيدة في ألْغاز . فإضافة إلى تسميّتها الشّتويّة سمّيت باللّغزيّة .

 

المثال وبعض الأساليب

 

 

 

276 – قالوا : « الْبِطْنَةُ تُأْفِنُ الْفِطْنَةَ »

 

الْبطنة : الامتلاء من الطّعام-تُأْفِنُ : تُنْقِصُ الفهم-الْفطنة : الحدْقُ والْحَزْمُ

 

277 – قالوا : « شالَ لِسانَهُ ونَشَرَها في صِوانِهِ »

 

شالَ لِسانَهُ : أكثر رفعه وحركّه بالكلام . ومعناه : أبدا ما عنده من الكلام .

 

278 – قالوا : « لاَ يُمَيِّزُ بَيْنَ الْعودِ وَالْخَشَبِ »

 

الْعود : ما يُتطلّبُ برائحتهالْحَسَب : ما لا رائحة له

 

كناية على عدم تجربته .

 

279 – قالوا : « لَها بِهِ لَهْوَ الْخَلِيِّ بِالشَّجِيِّ »

 

أي : سخر به كسخرية فارغ الْبال من المهموم . وفي هذا قال الشّاعر :

 

وَيْلُ الشَّجِيِّ مِنَ الْخَلِيِّ فَإِنَّهُ # نَصَبَ الْفُؤادَ بِشَجْوِهِ مَغْموم

 

280 – قالوا : « لَيْسَ بِعُشِّكِ فَادْرُجي »

 

هذا مثل يضرب لمن يتعاطى ما لا ينبغي له .

 

281 – قالوا : « يَرْتَعُ وَسَطاً ، وَيَرْبِضُ حَجَرَةً »

 

مثل يضرب لمن يشارك في الرّخاء ، ويجانب عند البلاء .

 

282 – قالوا : « الإيناسُ قَبْلَ الإِبْساسِ »

 

وهذا مثل معناه أنّه ينبغي أن يأنس الإنسان ثمّ يكلّف . وأصله أنّ حالِبَ النّاقة يؤْنِسها حين يروم حلْبها ، ثمّ يَبيسُ بها للْحلْبِ .

 

الإبْساسُ : هو أن يقول لها بَسْ بَسْ لِتسكن وتدرّ الحليب . وتسمّى النّاقة الّتي تدِرُّ على الإِبْساسِ بِالْبَسوسِ .

 

283 – قالوا : « ذَهَبوا تَحْتَ كُلِّ كَوْكَبٍ »

 

هذا المثل يضرب لمن تختلف في السّفر طرقهم ، وتتباين سُبُلُهم .

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

ــــــــــــــ

 

المـصدر :

 

( 1 ) المقامة الرّابعة والأربعون – من ( ص : 490 إلى 513 )

 

 

 

?الْمَقامَةُ الرَّمْلِيَّةُ ( 1 )

 

 

 

تتضمّنُ هذه المقامة مخاصمة أبي زيد مع زوجته ، وأنّه لم يطرقها إلاّ مرّة واحـدة ، وأنها ليست المخاصمة الأولى ، فقد سبقتها المقامة الإسكندريّة ( التّاسعة ) . وهي من النّصوص المقرّرة في كتاب المطالعة والنصوص للسّنة السّابعة أساسي تحت عنوان : أبو عكّازة وفكاهاته ، ( ص : 142 ) ، واعتمد من مجلّة" براعم الإيمان" (بتصرّف ) .

 

الرّملة : بلد معروف بالشّام .

 

الأمثال وبعض الأساليب

 

 

 

285 – قالوا : « لِكُلِّ أَكولَةٍ مَرْعى »

 

أي : لكلّ واحد رزق مقسوم . ويضرب مثلا للقناعة ، وهو ليس من أمثال العرب .

 

286 – قالوا : « نَهَضَ يَنْفُضُ مِذْرَوَيْهِ ، وَعادَ يَضْرِبُ أَصْدَرَيْهِ »

 

أي : قام ومضى متهتّدا ، ثمّ رجع فارغا خالبا لم ينجح . وهما من الأمثال السّائرة .

 

الْمِذْروان : هما طرفا الألْيَتَيْنِ . ولقد وظّف عنترة مثلا في قوله :

 

أَحَوْلي تَنْفُضُ أُسْتَكَ مِذْرَوَيْها # لِتَقْتُلَني فَها أَنا ذا عَمارا

 

الأصْدَران : هما الْمنْكبان . والإنسان إذا جاء من جهة تعِب فيها ، وعلاه التّراب ، يضربهما بكمّه ليزيله عنهما . كما أنّه إذا قام من مكانه ينفض التّراب عن ألْيَتَيْهِ .

 

287 – قالوا : « الْفِرارُ بِقُرابٍ أَكْيَسُ »

 

مثل يضرب في تعجيل الفرار عمّن لا يَدَ لَك به .

 

قُرابُ : اسم فرس لعبد الله أخ دريد بن الصّمّة ، وفيهما قصّة المثل .

 

288 – قالوا : « الْعَوْدُ أَحْمَدُ »

 

أَحْمَدُ : من الحمد لأنّ الابتداء إذا كان محمودا ، كان العَوْد أحقّ أن يحمد منه . وأوّل من قال هذا خداش بن حابس التّيميّ .

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

ــــــــــــــ

 

المصدر : ( 1 ) المقامة الخامسة والأربعون – من ( ص : 514 إلى 522 )

 

 

 

?الْمَقامَةُ الْحَلَبِيَّةُ ( 1 )

 

 

 

تتضمّنُ كون أبي زيد معلّم صبيان ، وطلبه من الصّبيان العشرة الإنشاء في فنون مختلفة ، بعد أن انتقل من حلب إلى حِمْص .

 

حلب : مدينة من مدن الشّام ، وكانت تسمّى بالشّهباء لبياض أبنيّتها وحُسْنها .

 

حمص : مدينة من أجناد الشّام .

 

الأمثال والأساليب

 

 

 

289 – قالوا : « اِسْتَطارَ غُرابُ الْبَيْنِ » ( 2 )

 

الْبَيْنُ : الْفِراقُ . أمّا طيّرانُ غُرابه فكناية عن كونه صار من أهلها بعد أن كان غريبا فيها .

 

290 – قالوا : « أَدْبَرَ غَريرُهُ ، وَأَقْبَلَ هَريرُهُ » ( 3 )

 

الْغَريرُ : الْخُلُقُ الْحسن .الْهَريرُ : الْخُلُقُ السَّيِّء

 

وهذا مثل يضرب للرّجل إذا شاخ وساء خلقه ، أي : ذهب صباه ، وأقبل هرمه .

 

291 – قالوا : « شَمَّرَ ذَيْلاً ، وادَّرَعَ لَيْلاً » ( 4 )

 

هو مثل يضرب في الحثِّ على التّصرُّفِ والاكتسابِ .

 

292 – قالوا : « بِتَّ رأْسَ الدّيرِ …» ( 5 )

 

قالوه للرّجل إذا رأسَ أصحابه عند النّداء عليه . وأصله من الرّاهب للنّصارى ، والدّيرُ محلّ تعبّده .

 

293 – قالوا : « بورِكَ فيكَ كما بورِكَ في لاَ وَ لاَ » ( 6 )

 

لا و لا : يعنون بها شجرة الزّيتون إشارة إلى قوله تعالى : « … مِنْ شَجَرَةٍ مُبـارَكَةٍ زَيْتونَةٍ ، لا شرْقيّةٍ ولاَ غَرْبِيَّةٍ »

 

294 – قالوا : « يا قُطْرُبُ … » ( 7 )

 

الْقُطْرُبُ : دُوَيْبَةٌ يضرب بها المثل في كثرة السّير ، وقد يستعار لمعنى الصّغر . ويحكى أنّ سيبويه كان يخرج بالأسحار ، فيرى على بابه محمد بن المستنير فيقول له : إنّما أنت قُطْرُبُ لَيْلٍ . وبهذا غلب عليه هذا اللّقب .

 

295 – قالوا : « هُوَ أَشْأَمُ مِنْ عِطْرِ مَنْشَمِ » ( 8 )

 

مَنْشَمُ : هي امرأة عطارة ، كانت تبيع الطّيب ، فأغار عليها قوم ، فأخذوا عطرها ، وتطيّبوا به ، فاسْتغاثت بقومها فخرجوا في طلبهم ، فمن شمّوا منه رائحة الطّيب قتلوه . فضرب بعطرها المثل في الشُّؤْمِ . وفي رواية أخرى قيل : إنّها امرأة عطّرت رجالَها حين خرجوا للقتال ، فقتلوهم عن آخرهم . وقيل كانت تبيع طيب الموتى ، وقيل غير ذلك .

 

296 – قالوا : « يا زُغْلولُ … » ( 9 )

 

زُغْلولُ : هو الْخفيف السّريع من الرّجال ، أُخِذَ من الزّغْلَلَةِ وهي ما ترمي به النّاقة بدفعة خفيفة من بولها ، ومن ذلك : يا غُنْظُبُ / ذكر الجراد . يا حناظِبُ / ذكور الخنافس . يا ظَيّانُ / الياسمين البرّي . يا شِنْظيرُ / الرّجُلُ السّيّء الخلق . يا ابن البظْراءِ / والبَظْرُ هي زائدة عند الأنثى تقطعها الخافضة في الختان . ولهم في المدح والذّمّ الكثير ، ويؤخذ من كلّ ما هو جميل ، أو فظّ وشنيع في الطّبيعة ، أو من الخَلْقِ أو الخُلُقِ .

 

297 – قالوا : « لاَ فُضَّ فوكَ ، ولاَ بُرَّ مَنْ يَجْفوكَ » ( 10 )

 

يقال في الاستحسان ، أي : لا كسر فمك وأسنانك ، ولا أحسن إلى من يغْلظ لك القول ويهجرك .

 

 

 

ــــــــــــــ

 

المـصدر :

 

( 1 ) المقامة السّادسة والأربعون – من ( ص : 522 إلى 541 )

 

( 2 ) و ( 3 ) المصدر نفسه ( ص : 523 )

 

( 4 ) نفسه ( ص : 524 )-( 5 ) نفسه ( ص : 525 )

 

( 6 ) و ( 7 ) نفسه ( ص : 527 ) -( 8 ) نفسه ( ص : 528 )

 

( 9 ) نفسه ( ص : 531 )-( 10 ) نفسه ( ص : 539 )

 

 

 

?الْمَقامَةُ الْحَجَرِيَّةُ ( 1 )

 

 

 

تتضمّنُ كون أبي زيد حجّاما فحاور ابنه . احتاج الحرث بن همّام إلى الحجامة وهو بقصبة اليمامة . سأل فأرشدوه إلى شيخ ، ولم يكن إلاّ السّروجيّ .

 

اليمامة : هي بلاد الملكة الزّبّاء ، وزرقاء اليمامة ، ومنها ظهر مسيلمة الكذّاب ، وبها ادّعى النّبوّة ، وهو من بني حنيفة . أمّا اليمامة فتتميّز بكثرة النّخيل .

 

الأمثال وبعض الأساليب

 

 

 

298 – قالوا : « أَشْغَلُ مِنْ ذاتِ النَّحْيَيْنِ » ( 2 )

 

وهذا مثل يضرب لكثير الاشتغال . وذات النّحيين امرأة من تميم الله بن ثعلبة . حضرت سوق عكاظ ومعها نَحْيا سَمْنِ ، فاسْتخْلى بها خوّات بن جبير الأنصاري ليبتاعهما منها . فتح أحدهما وِذاقه ودفعه إليها ، فأخذته بإحدى يديها ، ثمّ فتح الآخر وذاقه ودفعه إليها ، فأمسكته بيدها الأخرى ، ثمّ غشيها وهي لا تقدر على الدّفع عن نفسها لحفظها فمَ النّحْيين ، وخوفها على السّمن . فلمّا قام عنها ، قالت له : لا هنّاكَ ، فضرب بها المثل فيمن شُغِل .

 

299 – أمّا أسماء الكنيف الّتي وردت في حكاية لطيفة ( 3 ) ( ص : 543 ) فهي :

 

الكَنيف : محلّ قضاء الحاجة ، ومن أسمائه الخلاءُ ، الْحَشُّ ، الْمُتَوَضَّأُ ، الْكنيفُ ، الْمِرْحاضُ ، الْمُسْتَراحُ . وهذه أسماء كانت ولا زالت تتداول في البلدان العربية .

 

300 – قالوا : « اِرْتَحَلَ إلى حَيْثُ يَعْوي الذّيبُ » ( 4 )

 

كناية عن المكان الخالي .

 

301 – قالوا : « ما أقْبَحَ الْغُرْبَةَ وَالإقْلالَ » ( 5 )

 

يضرب المثل لمن يفعل عكس ما ينبغي أن يفعل .

 

الإقلال : أي القُلُّ ، وهو الفقر . وفي قول الشاعر :

 

 

 

إِنَّ الْغَريبَ الطَّويلَ الذَّيْلِ مُمْتَهَنٌ # فَكَيْفَ حالُ غَريبٍ ما لهُ قوتُ

 

لَكِنَّهُ ما تَشينُ الْحُـرَّ مَوْجِعَـةٌ

 

فَالْمِسْكُ يُسْحَقُ وَالْكافورُ مَفْتوتُ

 

وَطالَما أُصْلِيَ الْياقوتُ جَمْرَ غَضىً

 

ثُمَّ انْطَفى الْجَمْرُ والْياقوتُ ياقوتُ

 

الطّويل الذّيل : كناية عن الغنيّ ذي الْيسار .

 

مُمْتَهَنٌ : مُحْتقرٌ بسبب اغترابه .

 

الْغَضى : شجر يدوم جمْره

 

302 – قالوا : «يَضْرِبُ في حَديدٍ بارِدٍ » ( 6 )

 

مثل يضرب لمن يطمع في غير مطمع . وفي هذا قال الشاعر :

 

 

 

يا خادِعَ الْبُخَلاءِ عَنْ أَمْوالِهِمْ # هَيْهاتَ تَضْرب في حديدٍ باردِ

 

أمّا المبرّد فأنشد :

 

 

 

هَيْهاتَ تَضْرب في حديدٍ باردٍ # إِنْ كُنْتَ تَطْمَعُ في نَوالٍ سَعيدِ

 

303 – قالوا : « إذا ألْهَبَتْ أَحْشاؤُهُ بِالطَّوى طوى » ( 7 )

 

أي : إذا ألمّ به الجوع واصَلَ وَصَبَرَ أو كَتَمَ . ومنه طوى عن الحديث إذا كَتَمَهُ .

 

304 – قالوا : « أَعَقُّ مِنَ الْهِرَّةِ » ( 8 )

 

ضُرب المثل بالهرّة لأنّها تأكل أولادها كالضّبّة . وفي هذا قال الشّاعر :

 

 

 

أَما تَرى الدَّهْرَ وَهَذا الْوَرى # كَهِرَّةٍ تأْكُلُ أَوْلادَها

 

305 – قالوا : « أَنْفٌ في السّماءِ ، وَأَسْتٌ في الْماءِ » ( 9 )

 

يضرب هذا المثل لمن يكبر مقالا ، ويصغر فِعالاً .

 

306 – قالوا : « أَفْرَغُ مِنْ حَجّامِ ساباط » ( 10 )

 

قِصّةُ مَثَلِهِ : ذكر عن الرّجل أنّه كان حجّاما ملازما ساباطَ المدائن يَحْجم . وقد تمرّ عليه أوقات لا يقربه فيها أحد . فكان يبرّز أمّه عند تمادي عطلته ، فيحْجمها لِكي لا يعاب بالبطالة . فما زال يحجمها حتّى نزف دمها وماتت .

 

307 – قالوا : « رُدْنُهُ أَصْلُ الانْشِقاقِ » ( 11 )

 

كناية للكثير الخصام ، يمزّق ثوبه من الأكمام . والرّدن أصل الكمّ .

 

308 – قالوا : « يَشْكو إلى غَيْرِ مُصَمَّتٍ » ( 12 )

 

مثل يضرب لمن لا يكترث بشأن صاحبه ، ولا يعبأ بتكرار شكايته ، لأنّه لو شكاه لَصَمتَ وأمسك عن الكلام . ومنه قول الرّاجز يخاطب جَمَلاً له :

 

 

 

إِنّكَ لا تَشْكو إلى مُصَمَّتٍ # فَاصْبِرْ على الْحَمْلِ الثّقيلِ أَوْ مُتِ

 

ونحو هذا المثل : « هانَ على الأَمْلَسِ ما لاقى الدَّبِرُ » ( 13 )

 

ويكون هذا القول كناية عن أنّ السّليم لا يبالي بما يقع للمريض من المشقّة .

 

309 – قالوا : « شَغَلَتْ شِعابيَ جَدْوايَ » ( 14 )

 

والمراد : ليس يفْضُلُ عنّي ما أَصْرِفُهُ إِلى غَيْري .

 

310 – قالوا : « الْمالُ بَيْني وَبَيْنَكَ شِقُّ الأُبْلُمَةِ » ( 15 )

 

الأُبْلُمَةُ : خَوْصَةُ الدّوْمَةِ من النّخْلِ تُشَقُّ طولاً ، فتخْرج سواء معتدلة . قال الشاعر :

 

 

 

وَجاؤوا ثائِرينَ فَلَمْ يَؤوبوا #بِأُبْلُمَةٍ تَشُدُّ على بَزيمِ

 

الْبَزيمُ : باقةُ بقْلٍ ، أو فضْلَةُ الزّادِ ، وهو أيضا الطَّلْعُ يُشَقُّ لِيُلقّح به ، ثمّ يُشَدُّ بِخَوْصَـةٍ .

 

313 – قالوا : « كُلُّ الْحِذاءِ يَحْتَذي الْحافي الْوَقِعُ » ( 16 )

 

الْوَقِعُ : الماشي في الوَقْعِ ، وهي الحِجارَةُ المُحدّدَةُ ، فتتألّمُ رِجْلُهُ من المَشْيِ علَيْها . ومعناهُ : إنّ الحافيَ الْوَقِعَ ينتعل بكلّ نعلٍ يجِدُها . ومعناهُ أيضاً أنّ المتعبَ يقْنع بما يجدُ .

 

قال الرّاجِزُ :

 

 

 

يا لَيْتَ لي نَعْلَيْنِ مِنْ جِلْدِ الضَّبُعِ # وَشِرْكاً مِنْ أسْتِها لا ينْقطِعُ

 

……………….. # كُلُّ الْحِذاءِ يَحْتَذي الْحافي الْوَقِعُ

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

ــــــــــــــ

 

المصدر : ( 1 ) المقامة السّابعة والأربعون – من ( ص : 541 إلى 556 )

 

( 2 ) المصدر نفسه ( ص : 542 )–( 3 ) نفسه ( ص : 543 )

 

( 4 ) و ( 5 ) نفسه ( ص : 545 )-( 6 ) و ( 7 ) نفسه ( ص : 547 )

 

( 8 ) و ( 10 ) نفسه ( ص : 547 ) -( 9 ) نفسه ( ص : 548 و 549 )

 

( 11 ) و ( 12 ) نفسه ( 550 )-( 13 ) نفسه ( ص : 551 )

 

( 14 ) نفسه ( ص : 552 )-( 15 ) نفسه ( ص : 553 )

 

( 16 ) نفسه ( ص : 555 )

 

 

 

 

 

?الْمَقامةُ الْحَـراميّةُ (1)

 

 

 

هيَ أوّل مقامة أنشأها الحريري ، وتتناول فيها كفّارة الخمر .

 

انتقل الحرث بن همام إلى البصرة في الغَلَس (ظلمة اللّيل ) ، ونزل بقبيلة بني حرام التي اشتهرت آنذاك ب « مشاهد مشهودة ، وحياض مورودة ، ومبان وثيقـة ، ومغان أنيقة ، وخصائص أثيرة ، ومزايا كثيرة » ( 2 )

 

لما غربت الشمس دخل الحرث أحد مساجدها ، فوجد به جماعة تتجادل في حروف البدل ، ولمّا حلّ آذان العشاء وقضى الفرْضَ في الجماعة ، إذا بشيخ يستوقف المصلّين قبل تفرّقهم ليحدّثهم بكلام فيه حزن ، فندم على خروجه من التّوبة ، وشربه الخمر بإسراف طالبـاً منهم أن يدلّوه عن كفّارة تباعد من ذنبه ، وتدنيه إلى ربّه ، فلم يتأخّر السروجيّ عن اقتناص نُهْزَةِ الصّيد ، فتدخّلَ منشدا قصيدة حكى فيها ما كان فيه من عزّ وجاه إلى أن غار الرّوم على الأرض ، فاستباحوا ما ظهر واستتر ، فأُخِذت أمواله ، وأُسِرتْ ابنته ، وأقنع الشّيخ بفصاحته أنّ كفّارة ذنبه هي مدّه بمال يفكّ به أسر السّجيـنة . نال السّروجيّ من الشّيخ عطاء قليلا على التّوّ ، ووعداً بالعطيّة الوافرة . فقـد « وَصَلَ مِنْ حَوْكِ الْقَصيدَةِ إِلى لَوْكِ الْعَصيدَةِ . »ولمّا رأى الْحِرْثُ بن همام ما صدر من أبي زيد قال له : « سُبْحانَ منْ أبْدَعَكَ ، فما أَعْظَمَ خُدَعَكَ ، وَأَخْبَثَ بِدَعَكَ … » ( 3) . فاستغرب في الضّحك ، ثمّ أنشد غير مرتبك .

 

عِشْ بِالْخِداعِ فَأنْتَ في # دَهْرٍ بنوهُ كَأُسْدِ بيشَـهْ (4)

 

وَأَدِرْ قَناةَ الْمَكْرِ حَتّـى تَسْتَديــرَ رَحى الْمَعيشَهْ

 

وَصِدِ النُّسورَ فإنْ تَعَذّرَ صّيــْدُها فَاقْنَعْ بِريشـهْ

 

وَاجْنِ الثّمارَ فَإنْ تَفُتْــكَ فَرَضِّ نَفْسَكَ بِالْحَشيشَهْ

 

وَأَرِحْ فُؤادَكَ إنْ نَـبا # دَهْرٌ مِنَ الْفِكْرِ الْمُطيشَـهْ

 

فَتَغايُرُ الأَحْداثِ يــوذِنُ باسْتحالَةِ كُلِّ مَعيشَـهْ

 

بيشَه : بلدة باليمن .

 

أمّا واقع كفّارة الْخمر في بلْدَةِ مزار بالعراق ، فقد ذكر الْفنجديهي أن ابن قطريّ كان قاضياً بها ، وهي بلدة بقرب البصرة ، وكان قد تاب من الشّرب ثمّ نقض التّوبة ، وعاد يشرب ، ثمّ بعد المعاودة حضر مسجد بني حرام بالبصرة ، وتاب ورجع إلى الله بصدق نيّة وسأل عن كفّارة ذنبه ، وصادف أن كان بالمسجد رجل يزعم أنّه من أهل سروج ، وله بنت مأسورةفي أيدي الرّوم ، فقال لابن قطريّ أنّ كفّارة ذنبه أن يتصدّق بشيء يفكّها بـه ، فأعطاه عشرة دنانير ، فلمّا أخذها منه دخل الحانة ، فلم يزل يشرب الخمر حتّى فرغت ، فبلغ ذلك القاضي فندم على ما أعطاه ، وساءه وأحزنه ، فانشأ الحريري هذه المقامة في ذلك ، فقيل هي أحسن من مقامات البديع ، فانشأ أربعين مقامـة ، ثمّ استزادوه فكملها خمسين مقامة .

 

الأمـثـال وبعض الأساليب

 

 

 

 

 

312 - قالوا : (( لمْ يَكُ إلاّ كَقَبْسَةِ الْعَجْلاَنِ .)) (5)

 

مثل يقال في السّرعةِ .

 

ومنه قول الشّاعر :

 

 

 

وَزائِرٌ زارَ وَما زارا # كَأنّهُ مُقْتَبَسٌ نارا ( 6 )

 

313 - قالوا : (( أُغْمِدَتْ ظُبَيُّ الْكَلامِ .)) (7)

 

وهو كناية عن السّكوت وانقطاع الكلام . والظّبَيّ جمع الظّبّةِ وهي حدُّ السّيْفِ .

 

314 - قالوا : (( اِتّخَذْتهم كَرِشي وَعَيْبَتي . )) (8)

 

أي : أهلي ومحلّ سرّي .

 

ومنه قوله صلّى الله عليه وسلّم :((الأنْصارُ كَرِشي وِعَيْبَتي.)) (9)

 

315 - قالوا :(( هُوَ عِنْدَ صُلودِ الزَّنْدِ، وَصُدودِ الْجَدِّ .) (10)

 

صلود الزّند : عدم خروج النّار منه مع القَدح ، وهو كناية عن الفقر .

 

صود الجدّ: هجرة الحظّ والبَخْتِ .

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

ــــــــــــــ

 

المصدر :

 

( 1 ) المقامة الثامنة والأربعون من (ص:557 إلى 569 ).

 

( 2 )و(3)و(4)و(5)و(6)و(7)و(8)و(9)و(10) المرجع نفسه.

 

 

 

 

 

?الْمَقـامَةُ السّاسانيّة (1)

 

 

 

تتضمّنُ ما حكاه الحرث بن همّام من وصيّة أبي زيد السّروجيّ لابنه لمّا أحسّ بضعفه ودُنوّ أجله . كما احتوت آراءه في كسب العيش من الولاية والتجارة والزّراعة والصّناعة ، ونصح ابنه بتعاطي حرفة ساسان .

 

الأمـثـال وبعض الأساليب

 

 

 

316- قالوا : (( أوْصاهُ بما لَمْ يوصِ بِهِ شيتَ الأنْباطَ ، ولا يعقوبَ الأَسْباطَ .)) (2)

 

شيثُ : قيل هو أفضل ولد آدم عليهما السلام ، وكان أحبّ بنيه إليه ، وهو وصيّه ووليّ عهده . وهو الذي ولد البشر الموجودين من بعد الطّوفان كلّهم ، بنى الكعبة بالطّين

 

317- قالوا : (( ناهَزَ الْقَبْضَةَ .)) (3)

 

القبْضة في الحساب هي أن تعقد الأصابع ثلاثة وتسعين . والمقصود : قرُب أن يقبض روحه .

 

318- قالوا : (( ارْتَفَعَ دُخّانُهُ .)) (4)

 

أي : كثُر خيره ، إذ ارتفاع الدّخان دليل على كثرة الطّبخ ، وهو أيضا دليل على كثرة الخير حسب العرف .

 

319- قالوا : (( الْمرْءُ بِنَشَبِهِ لا بِحَسَبِهِ .)) (5)

 

أي : بماله .

 

320- قالوا : (( لاَ مَلأَ الرّاحَةَ مَنِ اِسْتَوْطَأَ الرّاحَةَ.)) (6)

 

أي : لا ملأ الْكفّ .اِسْتوطأ : عدّها وطيئةً ليّنة .

 

321- قالوا : (( رَجُلٌ وُكَلَةٌ تُكَلَةٌ .)) (7)

 

أي : عاجز يَكِلُ أمره إلى غيره .

 

322- قالوا : (( ما اشْتارَ الْعَسَلَ مَنِ اخْتارَ الْكَسَلَ.)) (7)

 

إِشْـتارَ: اقتطفَ .

 

323- قالوا : (( لاَ يُقْرَعُ لَهُ الْعَصا، ولاَ يُقَلْقَلُ لَهُ الْحَصا.))(8)

 

وقيل : لا يُنبّهُ بِطَرْقِ الْحَصا .

 

 

 

مثل يضربُ للمحنّكِ الْمجرب . وأوّل من قرعت له العصا عامر بن الظرب العـدواني ، وكان من حكماء العرب يقال له ذو الأصبع ، وذلك أنّه كان في حداثة سنّه يحكم بالحقّ ، فلمّا أسنّ اختلّ أمره فربّما زلّ ، فشكا الناس منه ذلك ، ولم يقدر أحد أن ينبّهه ، وكانت له ابنة عاقلة ، فلما بلغها ذلك لامتْه ، فقال لها : كوني قريبا مـنّي ، فإذا أنكرت منّي شيئاً فاضربي لي بالعصا لأسمع فأرجع عن الخطأ . وفيه يقول المتلمّس :

 

لِذي الْحِلْمِ قَبْلَ الْيَوْمِ ما تُقْرَعُ الْعَصا

 

وَمــا علْمُ الإنسان إلاّ لِيَعْلَمـا (9)

 

وفي هذا قيل أنّ العرب إذا أرادوا اختيار الرّجل هل يصلح للسّفر والغارات تركوه حتّى ينام ثمّ يأخذ رجل حصاة فيرمي بها إلى جانبه ، فإن انتبه وثقوا به وعلموا أنّه أهل ، وإلاّ تركوه .

 

وقيل في طرق الْحصا أيضا : هو ضربٌ من التّكهّن . يأخذ الكاهن حصيّات فيضرب بها الأرض ثمّ ينظر فيها فيخبر بالمغيبات .

 

324- قالوا : (( أَلْقِ دَلْوَكَ بينَ الدِّلاءِ .)) (10)

 

يُضْرَبُ المثل في الْحثّ على الاكتساب مع النّاس .

 

وفي هذا قال الشّاعر :

 

 

 

وَ لَيْسَ الرّزْقُ مِنْ طَلَبِ حَثيثٍ # وَلَكِنْ أَلْقِ دَلْوَكَ في الدّلاءِ(11)

 

تَجيءُ بِمِثْلِها طوْراً وَطـوْرا# تَجيءُ بِحَمْأَةٍ وَقليلِ مـاءِ

 

325- قالوا : (( أَحْفَشا وَسوءَ كيْلَةٍ.)) (12)

 

مثل يُضْربُ لمن جمع بين خصلتين قبيحتين .

 

326- قالوا : (( ما أَشْبَهَ اللّيْلَةَ بِالْبارِحَةِ.)) (13)

 

مثلٌ يُضربُ للمتشابهين ، وأصله من قول طرفة :

 

كُلُّ خَليلٍ كُنْتُ حالَـلْتُهُ # لا تركَ الله لهُ واضحَـه )) (14)

 

كُلُّهُمْ أَرْوَغُ مِنْ ثَـعْلَـبٍ #ما أشْبَهَ اللّيْلَةَ بالْبارِحَه

 

327- قالوا : (( يَعْلَمُ مِنْ أَيْنَ تُؤْكَلُ الْكَتِفُ .)) (15)

 

مثل يُضرب للداهية الّذي يأتي الأمور من مأتاها لأنّ أكل الكتف يعْسر على من لا يعرف أكلها .

 

قال الشاعر :

 

إِنّي على ما تَرَوْنَ مِنْ كِبَري # أَعْلَمُ مِنْ أَيْنَ تُؤْكَلُ الْكَتِفُ(16)

 

328- قالوا :(( حَيْثُما سَقَطَ لَقَطَ ، وحَيْثُما انْخَرَطَ خَرَطَ))(17)

 

من أمثال المولّدين يُضرب للمحتال .

 

اِنْخرط : دخل .خَرط : قشّرَ .

 

329- قالوا : (( الإمارَةُ حُلْوَةُ الرّضاعِ مُرَّةُ الْفِطامِ .)) (18)

 

وهو من أمثال المولّدين ، وفي هذا قال الشاعر :

 

سُكْرُ الْوِلايَةِ طَيّب#وَخِمارُها مُرٌّ شديدْ

 

كَمْ تـائِهٍ بِوِلايَةٍ #وَبِعَزْلِهِ يَسْعى الْبريدْ

 

وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النّبيّ عليه الصّلاة والسّلام ، قال :

 

« إنّكم ستحرصون على الإمارة وسيصير ندامة وحسرة يوم القيامة ، فنعمت المرضعـة ، وبئست الفاطمة .»

 

 

 

أمّا رأي السّروجيّ في المعايش الأربعة ، فقد ارتأيت نقله محافظا على أصل النّصّ لإفادة القارئ مع تذييله تلخيصا لنظرته في حرفة ساسان وأوصافها وقواعدها ، وأهمّ النّصائح التي زوّد بها ابنه ووليّ عهده . وقبل هذا أورد ما حكي في هذا المجال أن المأمون قال : « إن أمور الدنيا أربعة ، فعدّ الإمارة والتجارة والزراعة والصّناعة ، ثم قال : فمن لم يكن أحد أهلها كان كلاًّ على النّـاسِ . »

 

في الإمـارة

 

«… وكنت سمعت أنّ المعايشَ إمارةٌ وتجارةٌ وزِراعةٌ وصِناعةٌ فمارست هذه الأربع لأنظر أيّها أوفق وأنفع ، فما أخْمَدْتُ منها معيشةً ، ولا اسْتَرْغدْتُ فيها عيشةً . أمّا فُرصُ الولايات ، وَخُلَسُ الإمارات فكأضْغاثِ الأحلامِ ، والفيءِ الْمُسْتَنْسَخِ بِالظّلامِ ، وناهيكَ غُصّةً بِمَرارَةِ الْفِطامِ .»

 

في التّجارَةِ

 

« وأمّا بضائعُ التّجاراتِ فَعُرْضَةٌ للْمُخاطراتِ ، وطُعْمَةٌ للْغاراتِ ، وما أشْبهها بالطّيورِ الطّيّاراتِ .»

 

في الزّراعَة

 

« وأمّا اِتّخاذَ الضِّياعِ ، والتّصدّي للازْدِراعِ فَمَنْهَكَةٌ للأعْراضِ ، وقيودٌ عائِقَةٌ عنِ الارْتِكاضِ ، فلمّا خلاَ رَبُّها عَنْ إِذْلالٍ ، أوْ رُزِقَ رَوْحَ بالٍ .»

 

في الصّناعـة

 

« وَأمّا حِرَفُ أولي الصّناعاتِ فَغَيْرُ فاضِلَةٍ عَنِ الأقْواتِ ، ولا نافِقَةٍ في جَميعِ الأوْقـاتِ ، ومُعظمها مَعْصوبٌ بِشَبيبَةِ الْحياةِ .»

 

في حرفة ساسان

 

« ولمْ أَرَ ما هو بارِدُ الْمَغْنَمِ ، لَذيذُ الْمَطْعَم ، وافي الْمِكْسَبِ ، صافي الْمِشْرَبِ إلاّ الْحِرْفَةَ الّتي وَضَعَ ساسانُ أساسها ، ونَوَّعَ أجْناسَها ، وَأَضْرَمَ في الْخافقيْنِ نارَها ، وَأَوْضَحَ لِبني غَبْراءَ مَنارَها ، فَشَهِدْتُ وَقائِعها مُعْلِما ، واخترت سيماها لي ميسَما …»

 

الاستنتاج والتّعليق

 

إنّ السمة البارزة من النصوص السالفة الذّكر تدفع المتأمّل إلى القول دون ريب ، أنّ الكاتب كان له اطلاع بمهن عصره وحيثياتها ، خاصّة أنه كان يجمع بين الزراعة والتّجارة ومصاحبة أهل الإمارة . كما أنّ القصد منها أيضا إعطاء بعض "السمات العامة" للوضع الاقتصادي ، بل الحرف السائدة ومجمل التصورات حولها لدى العامة والخاصّة في أواخر العصر العباسي . والمقصد الأساسي من كلّ ما تمّ إيراده في ما سبق ، أو في المقامة على العموم هو الحبك الجيّد للمقامة باعتماد التّدرّج في سرد الأحداث بجدلية إقناع القارئ والوصول به إلى الحديث عن حرفة ساسـان ، وحمل الابن على الاقتناع بكلام والده ليحمل المشعل من بعده . كما أن ما ميّز مختلف مكونات النصيحة الأسلوب التعليمي القائم على الحجج الاقناعية .

 

حرفة ساسان أوصافها وقواعدها

 

أوصى السروجي ابنه باختيار حرفة ساسان ( المراد به ساسان الأكبر وهو ابن بـهمـن ، وأمّا ساسان الأصغر فهو ابن بابك أبو الأكاسرة ) لكونها متجراً لا يبور ، ومنهلا لا يغور ، ومصباحاً يعشو إليه الجمهور ويستصبح ، وتتطلّب من صاحبها أن يتمسّك بقواعدها الأساسية ليكون أهلا لها ، وهي :

 

-الحركة بابها .

 

-النشاط جلبابها .

 

-الفطنة مصباحها .

 

-الْقِحَةُ سلاحها ، أي صلابة الوجه ، ومن قوله :

 

 

 

وقحَةُ الْوَجْهِ سلاحُ الْفَتى # وِرِقّةُ الْوَجْهِ منَ الْحِرْفَةِ

 

-شجاعة القلب .

 

-الابتعاد عن الضّعف والجبن ( الْجَوَرُ) .

 

-التّحلي بالخصال الحميدة .

 

-المبادرة .

 

الكنية والتشبيه

 

وظف الكاتب التشبيهات لحمل الابن على إعمال العقل والتّنبّه لما يتلقّاه من الكلام ، لكون الكنى تحمل من الرموز والدلالات العميقة ذات الأبعاد المختلفة حسب ما يتمّ الكشف عنها وفق المستوى الفكري للمتلقّي ، وهنا لا تخلو العملية التفكيرية لاستنباط"الشيفرات " MORSE " من متعة إلى جانب ما تحدثه من تحفّز .

 

فالسّروجي أدرج عددا من أسماء الحيوانات والرجال المشهورين ليخدم أهدافامعرفية عدة تستثمر الواقع الاجتماعي للعصر لتزيدها تشويقا ، وبالتالي إقناع المخاطب .

 

لقد أوصى ابنه أن يتحلّى بمجموعة من الخصال ، وقد تبدو بعضها لا تليق بالنّصح لأنها مشينة ،ولكن لا ننسى أننا أمام شخصيّة تُعكس من خلالها مظاهر وأوضاع عايشها الكاتب ونقلها إلينا بصدق . كما يجب أن لا ننسى أنّ أبا زيد السّروجي أعلن توبته النّصوحة في مقامته الخمسين .

 

 

 

Partager cet article

Vous aimez ?
0 vote
Publicité
Publicité
Commentaires
Publicité