قراءة : الثقافة الهضمية والإبداع
الثقافة الهضمية والإبداع
- الثقافة الهضمية تسبق الثقافة الشبقية أو الثقافية الجنسية لدى الطفل .
- السنة الثانية / الغريزة الجنسية تفصح عن نفسها .
- أسبقية الهضم على الجنس تعم جميع الحياء والنبات ( الهيدرا والأمينيا ) --> لا جنس لها ، تتكاثر بطريقة لا جنسية . بدون عملية الهضم فلا تكاثر ولا انقسام .
- نزعة الكاناباليزم ، المحارب ينتصر على الآخر ، ينتزع قلبه ليكتسب شجاعته .
- التهام لحوم البشر لم تكن تشمل جميع أعضاء الجسم ، بل أعضاء بعينيها كالقلب والكبد والطحال والخصيتين اعتقادا من أن الشجاعة والصحة والنشاط والتناسل إنما تختزنه تلك الأعضاء .
- وقبل ذلك جرى أكل اللحم الحيواني ، فكانوا إذا اصطادوا الأسد أو النمر أو أي حيوان قوي أو سريع هرعوا إلى التهام القلب والكبد والطحال ، وكل ما يعتقدون أنه يشتمل على الصفة المعنوية التي يريدون اكتسابها .
- كثير من الأعضاء والأجهزة تعتمد على جهاز الهضم .
- أجزاء بعض الأجهزة يقوم بخدمة الجهاز الهضمي .
الأنف --------[ إدراك الأطعمة الفاسدة .
اللسان --------[ الحامض – الحلو – المر – المالح .
تــقــيــم جــمالــي :
الاشمئزاز والنفور والكراهية أفعال هضمية . وكذلك : الاشتهاء ، الإقبال والنشوة أفعال هضمية أيضا من حيث الأصول .
- النار فعل هضمي ----[ اكتشاف بإنضاجها اللحوم خلقت فيه ما يمكن أن نسميه " الحاسة الهضمية " وبمساعدة الأنف راحت تتعرف على أنواع كثيرة لا تعد ولا تحصى من أنواع الأطعمة .
- ومعظم أفعال القواميس أفعال هضمية .
- الخلفية الأساسية للإبداع الأدبي لا نستطيع أن نقوم بحصر الأفعال التي ساهم فيها الهضم في الإبداع ، فهي كثيرة .
الأغاني الشعبية :
( حبك نار ) –( أكلك منين يا بطّة ) – (خدودك ورد )- ( شفايفك عسل ) ...الخ
في القصائد القديمة أو الحديثة :
(( الجود – الكرم – الشهامة – الشجاعة – النار – الورد – الرمان – التفاح – العنب ...الخ )
بما فيها الخمرة كلها مرتبطة بالأساس الهضمي .
- قيل : " الإنسان يبدأ الطعام بأنفه " .
- في القديم ، كان الإنسان بأكل كل ما يقع تحت يديه ، ولكن فيما بعد صار ينتقي .
- اشتراك الشم والهضم في عملية التذوق ، فأصبحا يخضعان لتقسيم اكسيولوجي .
- الشهي – المنعش – الحار – الحامي – العطر اتخذت قيمتها من الثقافة الهضمية .
اللسان الهضمي :
يقوم بتقديم بيتات ابستمولوجية ( البيت هي وحدة المعرفة في الكوميوتر ) للسان النطقي عن طريق الدماغ . إنها بيتات الشعور المباشر ، اللسان منفذها ، وله ( مهمتان ) :
اللسان النطقي : استخدم بيتات اللسان الهضمي في الشفرة = الذوق – العذب – اللذيذ – الممتع – الخفيف – الثقيل – الناضج – العسير -...الخ . ويمكن الوقوف على هذه الشفرة الهضمية في أحدث القصائد ، وبالإمكان الإيغال في هذه العملية للوصول إلى استنتاج أن الثقافة الهضمية تنال النصيب الأكبر من العناصر العامة والأساسية للثقافات الأخرى .
استفاد اللسان النطقي من اللسان الهضمي في عدة ميادين منها : الشعر والأدب والفن . ( الذوق الأدبي)- ( التذق الشعري ) – الذوق الفني ) .
في اللــغات الأجــنــبـيــة :
في الأنجليزية ( Taste ) دخلت المعجم في القرن 14 ، ومعناها : يختبر عن طريق التذوق .
كتاب لويس سمسيون 1979 في النقد الأدبي (( ثورة في الذوق )) Arevolution in teste استخدم Taste ولم يستخدم Appreciation التي تعني التثمين أو التقدير أو التقييم .
الــهــضـم والإثـم :
الهضم فعل عدواني تطفلي ، لا يختلف عن الإثم . إنه الكفاح الأول الذي سجلته البشرية –-[صراع أبدي . وشعور الإنسان بالإثم كان بداية للغة جديدة ، وقد تولد هذا الإثم من الهضم .
من خلال النصوص والأسفار القديمة :
- تروي لنا التوراة قصة قتل قابيل لأخيه هابيل :عمل قايل وهابيل في الأرض ، وقدّما للربّ محرقتين ، فقبل الرب محرقة هابيل ، ولم يقبلها من قابيل ، والسبب أن قابيل قدم محرقة من أعشاب البرية ومما استنبتته في أرضه ، بينما قدم هابيل المحرقة من أبكار الأغنام التي يملك .
1- غضب الرب -------- من المحرقة الهزيلة .
2- الرضا ----------- من المحرقة الغنية
هابيل يتمتع بخيرات ، فلا بد من نشوب صراع لإعادة تقسيم الخيرات ، ونشب الصراع بين الإخوة .
- في الدراسات الأنتربولوجية ( جيمس فريزر ) نشوب صراعات من أجل الخيرات ( الفلكلور في العهد القديم ) ( الغصن الذهبي ) كتابان .
تفضيل الأغنام على الأعشاب / مواد هضمية خضعت لتضييق قيمي .
الإكرام والتكريم والكرامة / تقديم أبكار الأغنام .
أما تقديم أعشاب البرية / فحط من الكرامة والإكرام والتكريم ، ولا زال هذا إلى اليوم .
الصراع على المواد الهضمية يولد مشاعر كثيرة ( حقد – ضغينة – غل – تربص – أبكار الجبل – إثم ) كل هذا قدم شيفرة للإبداع الأدبي .
الأعضاء الهضمية الأخرى :
- في قول الشاعر :
وأذكر أيام الحمى ثم أنثني * على كبدي من خشية أن تصدّعا
( تمزقت أحشائي ) تعبير القدامى ( تقطعت كبدي ) تعبير عن الحزن الدفين ، أو الألم الشديد ، أو الشفقة القوية .
- إن وصف الشفتين بالقرمز ، والإنسان باللؤلؤ ، والإكثار من ذلك إكثارا مفرطا يدل على أن الفعل الجنسي يبدأ بفعل هضمي . والملحقات الهضمية لعبت دورا هي الأخرى كاللعاب الذي يشبّه عادة برحيق النحل أو الرضاب المعسول .
- إن الجنس والموت من أسباب الإبداع الأدبي ، وفي الشعر بنوع خاص .
- إن معجم الجنس هو أقل معجم في الإبداع الأدبي ، فلن تصادفك في أشدّ القصائد جنسية كلمات جنسية صرفة صريحة . وضحالة المعجم الجنسي لا تعني ضحالة الحافز الجنسي في الإبداع الأدبي.إن ضحالة هذا المعجم دليل أكيد على الخطورة والشمولية والقوة الذي يسيطر على جميع الثقافات الأخرى ، ويسخّرها من أجل غاياته وأغراضه .
- شفرة الثقافة الهضمية ثقافة واسعة جدا لها أحاسيسها مباشرة وذاتية ، وصادقة ، ودائمة من جهة أخرى مما يشحنها بطاقة توصيلية عجيبة .
- إن معظم أجهزة الجسم وأعضائه تستعين بهذه الثقافة ، وتستخدم شيفرتها ، وقديما قال الجامعة : العين لا " تشبع " من النظر ، والأذن لا " تمتلئ " من السمع .
قراءة : مجلة المعرفة العدد 291 مايو 1986 .