الأمازغيون يحتفلون - Les amazighes Fȇtent le nouvel AN 2965
REPORTAGE EN PHOTOS et une lecture
روبورتاج بالصور وقراءة
الأمازغيون يحتفلون بالسنة الأمازيغية 2965 ببركان
Les amazighes fȇtent le nouvel An 2965 à Berkane
قراءةٌ أولية في أمثال المنطقة الشرقية بالأمازيغية
دوافع الاهتمام
1 – إنّ التّحدّث مع الكثير من الناس المولعين بالنكتة وبالأمازيغية ، وربطها بالواقع الاجتماعي مطعّمة بأمثال شعبية (الشلحة) ، وبالـمعاودة والتركيز في السماع ترسّخ لديّ الاهتمام والقناعة للبحث في هذا المجال التراثي . وبعد جمع عدد لا يستهان به من الأمثال خصصت جزءا من أوقات فراغي لتفحّص معانيها ، وجمالية تعابيرها ، فأخذت الرؤى تتوضّح ، والأفكار تتبلور وتتطور ، وزادت الرغبة في التعرف أكثر على المقصديات الفكرية والعاطفية للرواة الغير المعروفين إلا لكونهم ينتمون في الغالب إلى تربة بني يزناسن ، وأن الفنون الأدبية الشعبية بمختلف أنواعها لها قيمة فكرية وجمالية تتسع وفق تنوع القراءات والمناهج ، وهذا ما يغني الأدب في عدة نواحي ( الدّلالات – التشبيهات – التنغيم الموسيقي …) إلى جانب أنها تعكس مستوى فكريا ، ونمطا معيشيا واجتماعيا بمختلف التفاعلات الثقافية والسلوكية ، والمنغمسة عبر أزمنة متفاوتة في ثقافة الشعوب بفعل النّقل ، والتفاعل الحضاري .
2 – امتلاك أدوات معرفية مساعدة وفي مقدمتها التحدث " بالشلحة " منذ الصغر ، والإقبال المستمر على القراءات التي تصبّ في نفس الرافد .
3 – اهتمام العديد من الجمعيات والهيئات والكتاب بالثقافة الأمازيغية « مع مناصرة مبدأ أن كل أشكال الفنون جديرة بالاهتمام » (1) .كما أن الأحزاب تولي اهتماما واضحا في هذا الاتجاه ، « وتدافع عن الخصائص البربرية كمكونات من مجموع الثقافة الوطنية جديرة بالعناية والدرس ، وخاصة على المستوى الجامعي ، ومستوى وسائل الإعلام » (2) .
الأمثال رافد ثقافي شعبي متأصّل
- إن الأدب الشعبي بكل مكوناته التعبيرية / الخطابية نثرا أو نظما ، وباللغة العامية أو الأمازيغية ، انبثق من الأوساط الشعبية بدافع الحاجة للتعبير عن العواطف والأحاسيس والأفكار ، إما لعدم امتلاك المستوى الثقافي المؤهّل لمسايرة التطور الثقافي وإنتاج اللغات، ومنها اللغة العربية الفصحى ، أو تلبية حاجة نفسية واجتماعية يحكمها الانتماء للهوية والاعتزاز بها …
والأمثال سواء كانت بالفصحى ، أو الدارجة أو الأمازيغية ، تتميّز ببنية لغوية وفكرية مركّزة ، تأثر على السامع والقارئ ، وتجلب انتباهه لما تشتمل عليه من دقّة في التشبيه والمجاز ، وضروب البلاغة الأخرى ، واختصار في الألفاظ ، وتنوع في التنغيم مع ما تحمله التعابير من نتائج وخلاصات تجارب الإنسان الذي عايش ظروفا اجتماعية واقتصادية وثقافية مختلفة حسب الأمكنة والأزمنة . إنها ترتبط بأحداث وقعت في فضاءات متنوعة من المجتمع - أي مجتمع ما – لتكون القصّة / الحدث المحكية والملتصقة بالمثل ، هي البؤرة للوقوف على مكامن الفكرة/الفائدة . وكلما أضاع الإنسان القصة/المثل الأصلية بفعل عوامل عديدة ، ومنها طبيعة الرواية الشفهية إلا وحبك أخرى في الغالب لتتوافق المعنى والمقصد ، ولإضفاء الشرعية والمرجعية التفسيرية للمثل . ومن هنا نجد « للمثل معنى أصليا » (3) يتم استنباطه بالقراءة المتأنّية لربط الدلالات السطحية بالعميقة للألفاظ ، والبنيات التركيبية ، وفي مقاربات غير مخلّة لما وضعت لها ، وباجتناب الإقحام والتّعسّف . وله « معنى تطبيقي » (3) أو مرجعي هو القصة / المثل التي تستعمل عند الاقتضاء في المجال المتوافق ، أو المناسبة المماثلة ، وبمعنى آخر ، عند تشبيه أحوال الناس بها . ورغم ما قد يعتري الأمثال من تباين أو تضاد ، إن على مستوى الرواية أو النّقل في الحدث أو المناسبة أو السياق العام …لأسباب عدّة منها : التقادم ، وضعف الاهتمام ، وتدخّل الذوات والأذواق … وهذا ما قد يؤدي إلى تحريفات غير مقصودة ، أو متعمّدة تـمرر خلفيات معينة في الخطاب ، ورغم ذلك يبقى للمثل أثره القويّ على الإنسان لجماليته ، وسهولة حفظه لإيجازه ، وما يتضمنه من أفكار يُرادُ له الشيوع ، خدمة لأهداف معينة تختلف حسب نوعية ومحتوى الإرسالية ، وقدرات المرسل وموقعه الاجتماعي والاقتصادي .
وبعد هذه النظرة الموجزة ، أورد مجموعة من الأمثال تتناقلها عدد من الألسنة بالمنطقة الشرقية للمملكة المغربية ليستأنس القارئ بها فيطلع على بعض من جوانبها الفكرية والجمالية ، ويقف على جزء يسير من ثقافة أجيال لا زالت بصماتها حاضرة في الهيكلة وأنماط المجتمع الحالي وإن اندثرت بعض عناصرها أو تجوزت بفعل التطور المتعدد الجوانب .
وما دامت اللغات الأمازيغية (اللهجات البربرية) أو لغة / الأم (4) كما يسميها البعض لا زالت لم تحض بالاهتمام المطموح إليه ، رغم ما أنجز من تخصيص برامج إذاعية، ونشرات أخبار تلفزية ، واهتمام عدد من المؤسسات بها …، ورغم الإشكاليات المطروحة على مستوى توحيد نظام الكتابة ، وإدخالها في البرامج التعليمية ، وأكدمتها … يبقى قبول عضوية مهتمين في هذا المجال من المؤتمر العاشر لاتحاد كتاب المغرب المنعقد بالرباط مؤشر آخر يأخذ إلى القول : « أن الزمن الحاضر هو زمن الحفاظ على جميع أشكال تراثنا الوطني » (5) وهو قول معبّر وفاتح لباب الاجتهاد ، له بعده الوحدوي في توافق مع التطور المجتمعي .
من أمثال المنطقة الشرقية
فــي الْكـرم
الكرم من الخصال التي افتخر بها العرب والبرابرة عبر العصور، فجادت قرائحهم بإبداعات في أغلب الأجناس الأدبية ، شعرا ونثرا .
1 – أنَـوْج أَنْيدْجَنْ واسْ إرَقْ أَمُقَنْديلْ ، أَنَـوْج أَنْيومايَنْ يَذْقَلْ أَمُزَنْبيلْ .
معناه : ضيف يوم واحد يلمع كالقنديل ، وضيف يومين ثقيل "كالزنبيل " .
المكونات اللفظية ودلالاتها :
أنوْج : الضيف .
إدْجنْ : واحد – من الأعداد .
واسْ : يوم ( إدجن واس ) يوم واحد .
أمُقنديل : من الدخيل اللاتيني في الفصحى ، ويستعمل أيضا في تشلحيت .
أمُـ : أداة تشبيه ، مثل أو الكاف .
أمُزنبيلْ : مثل الزنبيل – وعاء ، صندوق للشاي /النبات ، وقد توضع فيه حاجيات كالدقيق .الخ
يَذْقلْ : ثقيل من فعل ثقل يثقل وهي كلمة معدولة عن العربية . وضع الذال مكان الثاء التي لا توجد في حروف تفناغ (6) حسب علمي .وللإشارة فإن الأمثال لا تلتزم حرفيا حروف ( تفناغ ) لزيادة حروف ونقص بعضها لأسباب يتطلّب استجلاؤها في دراسات موسعة .
يوماينْ : واضحة في تداخلها وتثنيتها ومعناها : يومين .
الموسيقى أو التنغيم : مصدره تكرار حروف وكلمات لها نفس الوزن ( أمُ- زنبيل- قنديل -أنوْج – ـن ) . والسجع في المثل واضح .
استنتاج : إن الوضعية الاقتصادية للأسرة غالبا ما تفرض نوعا من التعامل مع الضيف لا يحط من شرف وخصلة الكرم ، وقد يكون عند البعض قناعة وسلوكا ، والحديث النبوي في حق الضيافة يرفع كل التباس .
2 – أكصْبَحْ أنَوْج غيرْ ينْسَ يَسْرَ ، والله أُرَسَّ يَكَّرْ غيرْما يَتْشَ يَسْوا
معناه : كمْ هو جميل الضيف الذي يبيت ويذهب ، والله لنْ يقوم من هنا حتى يأكل ويشرب .
المكونات اللفظة ودلالاتها
أكصبحْ : كم جميل .أكـ : تم تكوينها بتحويل ياء (يصبح) جميلا وبارتباط مع (أ) نطقا أدّى إلى (كـ) عليها ثلاث نقط = (أكيـ) والكاف بثلاث نقط لا وجود لها في حروف تفناغ حسب علمي أيضا .
ينْس : بات .
يَسْرَ : ذهب وغادر وهي مأخوذة من فعل سرى يسري ، وفي المثل العربي : عند الصبح يحمد القوم السرى ، أي : السير ليلا .
والله : واو القسم والمقسم به كما في العربية الفصحى .
أرسَّ : من هنا .
يكّيرْ : نهض . (أرس يكر) لن ينهض من هنا . أر : لن ، وقد تستعمل لم أي وظيفتها النفي في عدة سياقات . سّ : هنا .
غير ْ : تستعمل بمعنى الذي ، وغير كما في الفصحى ، وإذا اقترنت بما أفادت إلى أن يتْشَ : أكلَ ، وفي العبارة ( غيرما يتش ) تصبح : إلى أن يأكلَ .
يسْوا : شَرب في الماضي ، ومع نفس الارتباط ينتقل الفعل إلى المضارع (إلى أن يأكل ويشرب) .
استنتاج : لقد لاحظ القارئ أن الجمل بالأمازيغية قلما تخلو من أثر العربية الفصحى صراحة أو عرضا أو تعديلا في المعنى أو في المبنى .
فـي الأطعمــة
القصّة / المثل : رأت امرأة جارتها تضع القدر على النار ، فدفعها فضولها لتسألها عن نوع الطعام الذي حضرته ، فتلقّت منها جواباً لم يكن إلا مثلا ينزاح إلى اللغز أو الأحجية .
1- أَكَـرْكُـورْ خُـكَرْكـورْ ، أَثْـغـاطْ ثَـنْـيـا خُـزَمّـورْ
مـعناه : اعتبارا لكون لفظة (كركور) من الكركر ، أي المكبّ من الخيطان (عامية) ، وهي مشتقة من فعل كرْكَرَ الشيء : أي جمعه ، والحبّ حنّطه ، أو معنى : وضع الشيء على الشيء (7) يمكن الاستنباط بأن قائلة المثل / الأحجية إما أن تكون قد قصدت "الكسكاس" على القدر ، أو تراكم حبّات " الكسكس " بعضها على بعض ، وفي كلا الحالتين ، يكون المعنى المراد هو الشيء على الشيء (القدر – الكسكاس – الكسكس) أما الماعز ركبت الشجرة ، فالمراد به إفهام الجارة بأنها حظرت الكسكس بدون حليب أو لحم ، وبأسلوب تعبيري راق دلاليا وبلاغيا .
المكونات اللفظية ودلالاتها
كرْكور : من فعل كركر (انظر القاموس العربي ) .
أثْغاتْ : الماعز أو الماعزة .
ثَنْيا : ركبت وطلعت وتسلّقتْ ويصرّف ( أنييغْ = ركبت ، ثنييذْ =ركبْت ، ثَنْيا = ركبَتْ ، ثَنْييمْ = ركبْتُمْ …الخ ) .
ملحوظة :
كثيرا ما نجد من ينطق فعل طلعتْ ( ثنيا) بالتاء ( تَنيا) وقد يكون هو الصحيح وفق حروف تفناغ ،وقد يكون هذا الانزياح في النطق مردّه إلى تعدد اللهجات أو الخطأ الشائع .
خُزمّورْ : خُـ: على ، أَزمّورْ : اسم لشجرة الزيتون الغابوي المسمّى "الزّبّوجْ " أو الزيتون الجائح .
التنغيم الموسيقي
تكرار الكاف في كلمتين ، و ( آزر ) في آخر ثلاث كلمات أعطى للمثل / اللغز تنغيما موسيقيا ملحوظا .
في الأطعمة والتوظيف المجازي
2 - سَـكّرْ أشّانْ إثاروثْ ، أَتَتْـشارْ ثـايْذورْث .
معناه : أعط القيمة للرّئة (رئة الذّبيحة من الحيوانات ) ، تمتلئ القدْر .
المناسبة : عندما ينعدم المطلوب والمحبّذ ، يرى البعض من الأفضل إعطاء القيمة الزّائدة لما هو حاضر ومتوفّر حتى لا يبقى الفراغ . وقد يكون ساريا في الحاجة الغذائية ، وهو المستوى الأولي المستنبط من المثل ، ويتجاوزه حسب الحدث / المناسبة إلى كل ما هو مادي وفكري .
المعجم
سكّرْ : فعل أمر ، أعط وله معانى آخرى هو : أيقظ ، أبعد …الخ حسب السياق .
أشّانْ : الشأن والقيمة .
ثاروثْ : رئة الذّبيحة من الأغنام والأبقار وغيرها .
أتَـتْشارْ : تـمْتـلئُ .
ثايْذورْثْ : القدْرُ .
المستوى الصّوتي والتنغيم
مردّه إلى تكرار حروف في آخر الكلمات لها قاسم مشترك من حيث التنغيم ( ثاروثْ - ثايذورْثْ - ) والمدّ المتكرر مع حروف ( شا –ثا ).
في الزّفاف والعلاقات الاجتماعية
1 - ثاسْلـيـثْ أثْمَشّضْ زُكَمْشَضْ ، ثَمْغارْثْ أثْمَشّضْ زُكسْفَضْ .
معْناهُ : العروس تمشط بالمشط ( آلة النّسج ) ، والحـماةُ تمشط بعود متّقد ناراً .
المناسبة /الحدث
عند تزيين العروس لزفّها إلى زوجها ، أو في الأيام أو الشهور قبل ليلة الزفاف ، ينتاب العروس تفكير تخيّلي مُلـحٌّ يركّز على مستقبل حياتها الزوجية ، وعلاقتها بأفراد أسرة الزوج ، ونفس الحالة تعيشها الحماة لكن لإثارة المشاكل ، خاصة إذا كان هذا الزواج لا تباركه . والمثل يتجاوز استعماله إلى حالات ووضعيات متشابهة في العلاقات الاجتماعية ، وما أكثرها .
المـعجـم
ثاسْليثْ : العروس.
أثْـمشّضْ : تـمشط .
زُ كمشضْ : بالمشـط ( آلة النسج/ القرداش ).
ثـمْغارْثْ : الحماة ( أم الزوج ) .
زُ كسفضْ : بعود متّقد ناراً ، أي به جمر .(كـ بثلاث نقط )
المستوى الصوتي والتنغيم
فهو واضح من تكرار الحروف والكلمات ( السجع) .
في نهاية الحكايات الشعبية ( الحجايات)
1 - نَـتْـشْ أتْـشيـغْ أبَـتّيـخْ ، شَكْ ثَتْـشيـذْ ألَـتّيـخْ
ترجمتـه
أنا أكلت البطيخ ، وأنت أكلت السّقطة ( السقوط على الأرض ) .
المـعجـم
نتشْ : أنا . أتشيغْ : أكلتُ . أبتيخ : البطيخ . شكْ : أنتَ .
ثتشيذْ : أكلتَ . ألتّيخْ : السقطة ، السقوط على الأرض .
الـمناسبــة
عند نهاية الحكايات الشعبية أو ما يسمّى بالمغرب ( لَمْحاجْياتْ أو الحجّايات ) ، وفي تونس ( التْشَنْشيناتْ ) ، قد يظنّ المتلقّي / المستمع أن الحكاية لا زال لها بقية ، فيشعره الراوي بالقول السابق ( نتش أتشيغ …) إشعارا منه بانتهاء حكيه .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المراجع :
(1) – أطروحة المؤتمر الوطني الثاني لحزب التقدم والاشتراكية (23 –24 – 25 فبراير 1979م – تحاليل أهداف مهام ) – مع المثقفين من أجل ثقافة تقدمية (ص :161 – 162 ).
(2) - نفس المصدر – الوحدة الوطنية في إطار التنوع الثقافي (ص: 140).
(3) - العلامة محمد الفاسي – نظرة عن الدب الشعبي بالمغرب – مجلة البينة .
(4) - جريدة الاتحاد الاشتراكي ، العدد :261 في 15-01-1989م –اللغة الهوية والثقافة الوطنية في المغرب العربي – قراءة في كتاب جيلبير كرانكيوم ، تقديم وتعريب : حسن أحجيج .
(5) - الأستاذ شمعون ليفي – ملحق البيان الثقافي – العدد : 143 – 13و14/04/1986م – الإسهام اليهودي المغربي جزء من التراث الوطني – حديث في الثقافة الشعبية – أجرى الحوار : نور الدين برشيد –( نقل واعتماد قول الأستاذ العربي المساري في عدد خاص بالعلم السياسي ، العدد:16 في 16-12-1983م ).
(6) - الأستاذ عبد العزيز بن عبد الله – تطور الفكر واللغة في المغرب الحديث – دار لسان العرب – لبنان ( ص:229 ) .
(7) - معجم الطلاب ، ص: 639 – طبعة 1966م لبنان
من كتاب أوراق وأجناس لصاحبه عبد الحميد حادوش الصادر عن مطبعة النخلة بوجدة سنة 2003